عن جميع أنحاء الوجود العيني والذهني والحقيقي والاعتباري والذاتي والعرضي الانشائي، ضرورة أن فائدة الوضع والاستعمال هو الانتقال من سماع اللفظ إلى معناه، والانتقال وجود ادراكي، والموجود بأي وجود كان لا يقبل لوجود آخر مماثلا كان أو مقابلا.
وعليه فمعنى البيع إذا كان هو التمليك فالموضوع له طبيعي التمليك القابل لجميع أنحاء الوجود، لا الطبيعي الموجود بوجود انشائي، ولا الطبيعي الموجود بوجود حقيقي، فهو كسائر الألفاظ ومعانيها، غاية الأمر أن ما عدا المعاني المعاملية أو الطلبية غير قابلة إلا للوجود العيني والذهني كلفظ الماء والتراب، والمعاني المعاملية الأعم من العقدية والايقاعية قابلة للوجود الانشائي والحقيقي، الذي هو عين الاعتباري، وكذلك المعاني الطلبية وشبهها قابلة لكلا النحوين من الوجود.
ومنه علم: أن لفظ البيع مثلا كما أنه غير موضوع لمقام السبب وهو التمليك الانشائي، كذلك غير موضوع للتمليك بالحمل الشائع، الذي حقيقته عين وجوده الاعتباري، وهو مقام المسبب وهو الفعل التوليدي من الفعل الانشائي والتسبيبي، الذي يتسبب إليه بالانشائي للبرهان المتقدم.
ومنها: بعد ما عرفت من وضع لفظ البيع كسائر الألفاظ للطبيعة المجردة عن الوجود مطلقا، تعرف أن دعوى تبادر التمليك الحقيقي أو الانشائي منه بلا وجه، لعدم دخل كلا الوجودين في الموضوع له والمستعمل فيه قطعا، كما أن صحة سلبه عن التمليك الانشائي المحض إن أريد السلب الذاتي فهي صحيحة، إلا أن سلب الحقيقي منه ذاتا أيضا كذلك، لعدم تقوم المعنى بشئ منهما، وإن أريد السلب الشائع الراجع إلى عدم صحة حمل البيع بما له من المعنى على التمليك الانشائي فهو غير صحيح، لتحقق المعنى بهذا النحو من الوجود وإن لم يتحقق بوجود آخر، وسلبه عن التمليك الحقيقي كذلك - أي ليس البيع صادقا عليه بما هو تمليك انشائي - لتبائن الوجودين.
والتحقيق أن المعاني كما مر على قسمين: