يقصد إلا ثبوت تلك النسبة الخاصة ثبوتا عرضيا بتبع ثبوت اللفظ فيكون انشاء، وأخرى يقصد باستعماله الحكاية عن ثبوت تلك النسبة في الخارج فيكون إخبارا.
وليس معنى الانشاء إيجاد المعنى بالذات في الخارج بآلية اللفظ، لأنه غير معقول، لأن الوجود الخارجي لكل معنى سواء كان مقوليا أو اعتباريا يتوقف على مبادئ ذلك الوجود، ويستحيل وجوده الخاص به في نظام الوجود بمجرد اللفظ فقط، كما أنه ليس معنى الانشاء إيجاد المعنى في النفس، فإن وجوده النفساني الادراكي لا يتوقف على التلفظ به حتى يوجد به، بل المعقول من الانشاء هو الايجاد العرضي التابع لوجود لفظه بالذات، كما فصلنا القول فيه في محله (1).
وأما الوجود الاعتباري المقابل للوجود الحقيقي فهو متقوم باعتبار معتبره، لما يترتب عليه من الآثار شرعا وعرفا، والوجود الانشائي بالنسبة إلى الوجود الاعتباري كالسبب بالنسبة إلى مسببه - بمعنى أن البائع بقوله " بعت " الانشائي يتسبب إلى تحصيل الملكية المعتبرة باعتبار الشرع أو العرف - لا أن انشائه عين اعتباره كما توهم.
لما عرفت (2) من أن الوجود الانشائي لا ينفك عن استعمال اللفظ في معناه عند عدم قصد الحكاية، والوجود الاعتباري قائم بمعتبره بالمباشرة، وقائم بالبائع مثلا بالتسبب إليه بما جعله الشارع أو العرف سببا محصلا لاعتباره، فمع عدم استجماع الشرائط ليس الموجود من البائع إلا التمليك الانشائي، ومع استجماعه لها يوجد منه الوجود الاعتباري المتولد من الموجود الانشائي، فتدبر جيدا.
ومنها: أن الوجود الاعتباري العارض للمعنى - مقوليا كان أو لا - متقوم باعتبار المعتبر، واعتباره عين إيجاده، فهو من أفعاله المباشرية، ولا يعقل التسبب إلى اعتبار نفسه بقول أو فعل، نعم حيث إن غيره أجنبي عن ذلك الاعتبار فلا يتمكن من تحصيله منه إلا بما جعله من له الاعتبار وسيلة إلى حصوله.