يمكن أن يراد منه أن ما عنده من المال لو كان عوضا عن سلطنة المطالبة لكان مباحا لغير المالك، إذا كان له مجرد السلطنة على مطالبة المال كالولي، فإنه له السلطنة على مطالبة مال المولى عليه من الغاصب، فلو كانت الغرامة بدلا عن السلطنة على المطالبة المتعذرة بتعذر العين لكان له الانتفاع بالغرامة، لأنها بدل عما فاته من سلطنة المطالبة، مع أنه لا يباح له الغرامة، وليس ذلك إلا أنها بدل عن السلطنة على الانتفاع بالمال، ولم يكن له المبدل حتى يكون له البدل.
ويحتمل بعيدا أن يراد من العبارة أن الغرامة لو كانت بدلا عن السلطنة على المطالبة لصح لغير المالك بذل الغرامة للضامن ومطالبة العين منه، لكنه مردود بأن عدم الإباحة لغير المالك حينئذ ليس لعدم سلطنة المطالبة، بل لعدم ملك العين، والمالك حيث إنه يملك العين له بذل الغرامة ومطالبة العين، وغيره حيث إنه ليس بمالك فلا يباح له العين بمجرد بذل الغرامة، فالأوجه في تفسير العبارة ما ذكرنا.
- قوله (قدس سره): (وفيه أن العين ليست بنفسها عوضا... الخ) (1).
ظاهر كلامه (رحمه الله) دوران جواز الحبس وعدمه مدار كون العين عوضا أو معوضا، ولذا تصدى (رحمه الله) لدفع كونها عوضا أو معوضا، مع أن التحقيق دورانه مدار كون ما بيد كل منهما ملكا للآخر، لا ملك نفسه المعوض بملك غيره كما في باب المعاوضات، فإن العوضين حيث صارا بالمعاملة ملكا للطرفين، فلكل منهما حبس ملك الغير إلى أن يصل إلى ملك نفسه، وهنا - سواء كانت الغرامة عوضا عن نفس العين في الملكية، أو عوضا عن العين في المالية أو السلطنة - ليست الغرامة فعلا ملكا للغارم، حتى يجوز له حبس العين توصلا إلى ما يملكه بيد الآخر، ولعله لأجله حكم (قدس سره) بأن الأقوى عدم جواز الحبس، مع التزامه بأن حبس العين حبس مبدل الغرامة من حيث تضمنها للسلطنة الفائتة.
بل التحقيق: أنا وإن قلنا بعود الغرامة إلى الغارم بمجرد ارتفاع التعذر، إلا أن امتناع