ليس البدل بدلا عن العين في السلطنة على المطالبة، وإلا لكان مقتضاه ثبوت السلطنة له على مطالبة البدل فقط إذا غصبه غاصب، لا السلطنة على الانتفاعات به.
بل المراد بالبدلية حينئذ قيام الغرامة مقام العين في إضافتها إلى المالك بدلا عن إضافة العين إليه بإضافة السلطنة بذاتها إلى مالكها، إلا أن بدلية الغرامة بهذا الوجه بعيد في ذاته، إذ الغرامة والتدارك بلحاظ ما فات من المالك مما يهتم بشأنه، وهي سلطنته على الانتفاعات به، لا في السلطنة على مطالبته من غيره، فإن فواتها ليس مما يهم حتى تكون الغرامة والتدارك بلحاظها، هذا.
وإذا كانت بدلا عن قدرة الغاصب فمقتضاها عود الغرامة بارتفاع التعذر، إلا أن البدلية لها غير معقولة، إذ الغرامة بلحاظ ما فات من المالك لا ما فات من الغاصب، مع أن بدلية الغرامة عن القدرة في ذاتها غير معقولة، لأنها مضافة بذاتها، والغرامة لا يعقل إضافتها بذاتها، وليس للقدرة إضافة عرضية كالملكية وشبهها حتى تقوم الغرامة مقامها في تلك الإضافة العرضية.
فالتحقيق: أن الصحيح من جميع الوجوه بدلية الغرامة عن العين في المالية المتعذرة أو في السلطنة المتعذرة، إلا أن ارتفاع التعذر لا يوجب ارتفاع البدلية، وذلك لأن مجرد تعذر المالية أو تعذر السلطنة لم يوجب بدلية الغرامة قهرا، حتى ترتفع البدلية بارتفاع سببها.
بل التعذر سبب لوجوب دفع الغرامة أو لاستحقاقها، والوجوب أو الاستحقاق يزولان بزوال سببهما، إذا أمكن بقائهما كما إذا لم يدفع الغرامة حتى إذا ارتفعت الحيلولة، وأما إذا دفع الغرامة فقد سقط الوجوب أو الاستحقاق، سواء ارتفع التعذر بعده أم لا، أما حصول السلطنة أو الملكية فهو يتحقق بدفع الغرامة، وارتفاع التعذر أجنبي عنه، بل يرتفع بدفعها إلى الضامن.
- قوله (قدس سره): (ولذا لا يباح لغيره بمجرد بذل الغرامة... الخ) (1).