ما يستدعيه عنوان البدلية، غاية الأمر أن غرامة المال لا تكون إلا بالمال، وغرامة الملك ليست إلا بالملك، فكونه غرامة أو تداركا يستدعي الملكية، وحيث إنه لا بدلية فلا يستدعي زوال ملكية العين ليكون لها تعلق بالضامن.
والتحقيق: أن الغرامة والخسارة تارة بعنوان العقوبة والمجازاة كالكفارات الواردة في الشرع، وهذه لا تستدعي البدلية بوجه، وأخرى بعنوان تدارك ما في العهدة، والتدارك لا يكون إلا لوقوع الخلل فيما يتدارك من تلف الملكية أو تعذرها، حتى كأن الملكية باقية غير تالفة، أو كأنها متيسرة غير متعذرة، فلا محالة للغرامة عنوان البدلية وقيام شئ مقام الآخر.
بل الحق في الجواب أن يقال: إن للعين حيثيتين حيثية الملكية وحيثية المالية، ورعاية حيثية الملكية بوجوب رد الملك، لأن كونه مضافا إلى الغير يستدعي رعاية هذه الإضافة بعدم مزاحمة المضاف إليه، ورعاية حيثية المالية مقتضية للتغريم والتدارك، فما لا مالية له لا عهدة له ولا ضمان ولا غرامة ولا خسارة له، فالبدل بدل في المالية لا في الملكية.
غاية الأمر أن اعتبار بدلية شئ للعين في ماليتها حيث إنها مضافة إلى المالك بإضافة الملكية يستتبع الملكية حتى يكون بدلا في مالية ملكه، فالتبديل ليس إلا في المالية، وأما الملكية فبالاستتباع لا بعنوان البدلية، لا ابتداء وبالذات ولا ثانيا وبالتبع.
ولا يخفى عليك أن الجمع بين الملكين لا محذور فيه، إنما المحذور في الجمع بين البدل والمبدل، وحيث لا تبديل في الملكية فلا جمع بينهما في الملكية، وأما قيام مالية البدل مقام مالية العين المتعذرة فلا محذور فيه، لأن المالية من الاعتبارات القائمة بالعين لا من الإضافات المتعلقة بالشخص، كما أن المالية المتيسرة قائمة مقام المالية المتعذرة، فلا جمع بوجه من الوجوه، بل بمجرد التيسر لكل منها (1) رد ما بيده واسترداد ما بيد الآخر.
وأما وجه الثالث: فما أفاده المصنف (قدس سره) في المتن من أن الفائت - بسبب تعذر العين -