الوجوب ليقال بأن الوجوب لا تعلق له بمالية العين حتى تلاحظ المالية حاله، بل المتعلق بها الأداء وحينئذ يجب ملاحظة المالية حال الأداء، ليكون الأداء أداء لمالية العين حين تعلقه بها، بل الغرض اقتضاء حقيقة التدارك ملاحظة المالية التالفة بتلف العين بجعلها ذمية، فكأنها باقية لم تتلف.
وهذا بخلاف أداء قيمة المثل فإنه بعنوان الوفاء لما في الذمة من حيث المالية، لا بعنوان التدارك لمالية العين أو لمالية المثل عند التعذر الذي هو كالتلف، ومن الواضح أن الوفاء بمالية المثل الباقي في الذمة حتى بعد التعذر جعل مالية المثل خارجية بالأداء، ومالية المثل عند الوفاء هي ماليته الفعلية التي توفى بأداء القيمة، فمالية المثل حيث إنها كلي لم تتلف بالتعذر حتى تكون كمالية العين الشخصية التالفة حقيقة بتلفها، فليس هناك عنوان التدارك بل عنوان الوفاء.
- قوله (قدس سره): (إذ يلزم حينئذ أن يكون المغصوب عند... الخ) (1).
قد عرفت سابقا أن كل مالية تالفة يعقل فيها التدارك بجعل حصة مماثلة لها في مكانها، فمرجع الأمر حقيقة إلى عدم وجوب التدارك لا إلى أن حقيقة التدارك مختصة بمالية العين حال الغصب، أو القبض حتى يكشف عن عدم اقتضاء الاطلاقات ليكون تخصصا لا تخصيصا.
ويمكن تقريبه: بأن دخول العين في العهدة معناه دخولها بماليتها، فإنها تداركية، والعين بماليتها حال الغصب دخلت في العهدة، لا بمالية أخرى، والماليات المتجددة ماليات واردة على ما في العهدة، لا أن العهدة واردة عليها، ولا نعني ببقاء العين في العهدة إلا أن المالية التي وردت عليها العهدة باقية إلى أن يتدارك، وحيث لا عهدة للماليات المتجددة فلا تدارك لها، إذ حقيقة التدارك للتالف الذي له عهدة لا لما لا عهدة له، والمنافي للاعتبار عدم وجوب تدارك ما له عهدة، فإنه خلف، دون ما لا عهدة له فإنه ليس بتداركي حتى يلزم الخلف من عدم وجوبه.