فالفاسد الذي ليس فيه اقتضاء الضمان إما لعدم اقدام مضمن أو لعدم امضاء مضمن أولى بأن لا يوجب الضمان.
وأما تقريب الخدشة في الأولوية فهو أن الفاسد وإن كان ممتازا عن الصحيح بتلك الجهة المزبورة، إلا أن الصحيح ربما يمتاز عن الفاسد بجهة أخرى، فلا أولوية لعدم تمحض الفاسد في جهة الامتياز، والجهة الموجبة لامتياز الصحيح هي أن الفاسد والصحيح مشتركان في عدم الاقدام المضمن وفي عدم الامضاء المضمن، إلا أن الصحيح لا من حيث هذين الأمرين العدميين، بل من حيث الامضاء الذي هو أمر وجودي يختص به يقتضي السلطنة الشرعية الرافعة للضمان عند وجود سببه، وبلحاظ هذه الجهة الثبوتية الرافعة للضمان التي هي لازم الصحيح فقط يمتاز عن الفاسد فلا أولوية.
ولا يخفى أن هذه الجهة وإن كانت موجبة لعدم اتحاد الصحيح والفاسد في العلة لعدم الضمان، إلا أن نظره (رحمه الله) إلى إبداء جهة في الصحيح بإزاء الجهة المذكورة في الفاسد ليرتفع تفاضل الفاسد على الصحيح، وإلا فرفع الأولوية حقيقة برفع تلك الجهة الموجبة للتفاضل وهي لم ترتفع، لكن ابداء جهة موجبة لعدم التفاضل لمكان التقابل نحو من رفع الأولوية.
- قوله (قدس سره): (فإن قلت: إن الفاسد وإن لم يكن له دخل في الضمان... الخ) (1).
هذا ناظر إلى دفع المساواة في العلة بين الصحيح والفاسد المذكورة في ذيل قوله (رحمه الله) (وتوضيحه... الخ)، وحاصله أن سبب الضمان غير منحصر في اقدام المالك وامضاء الشارع، حتى يقال بتساوي الصحيح والفاسد في عدم الاقدام المضمن وعدم الامضاء المضمن، بل له سبب آخر وهي اليد، إلا أن اليد في العقد الصحيح خارج بالدليل وفي الفاسد لا مخرج له، فهما غير متساويين بالإضافة إلى الجهة الخارجة عن مرحلة العقد، فضلا عن أولوية الفاسد من الصحيح.