بدون إذنه، فيجب نقيضه وهو عدم منع المالك عن ملكه وهو عين تمكينه منه، إذ ليس المراد من التمكين إلا رفع المانع من قبله لا إيجاد أسباب وصوله إليه وتهيئة مقدمات الاستيلاء من قبل المالك.
قلت: منع المالك من ملكه ليس من الأفعال المشمولة لقوله (لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفسه) (1) فإن الأفعال المشمولة له ما يمكن صدوره عن طيب نفسه، وما يمكن صدوره لا عن طيب نفسه، ومنع المالك عن ملكه بهذا العنوان لا يعقل صدوره عن طيب نفسه كما هو واضح، وإنما المتصف ب ذلك نفس الامساك الذي عرفت الكلام فيه، نعم منع المالك عن ملكه مناف لسلطانه على ماله ومزاحم له، ومقتضى سلطانه المطلق على ماله كما عرفت سابقا (2) - في أدلة لزوم الملك في المعاطاة - عدم سلطان الغير عليه تكليفا ووضعا، فليس له منع المالك فيجب تمكينه منه.
هذا كله مع أن حرمة الامساك بقول مطلق غير واضحة، فإن امساك ماله لحفظه إلى أن يطلبه صاحبه احسان إليه، وما على المحسنين من سبيل، نعم امساكه لا لحفظه لصاحبه، بل على حد سائر أمواله حرام بدون إذن مالكه، ومنه يعلم أن حرمة امساكه وحرمة رفع اليد عنه بطرحه خارجا لا تنتج بالترديد والدوران وجوب تمكين المالك أو رده إليه، لامكان امساكه بعنوان حفظه إلى أن يجئ صاحبه، نعم هذا النحو من الامساك يتضمن عدم منع المالك عن ملكه، فلا بأس بوجوب التخلية بهذا المعنى، وأما وجوب الرد فلا.
وإن كان يظهر من متفرقات الأخبار وجوب رد كل مال وقع في يد الغير إلى صاحبه، كما في الخبر المروي في مجالس الشيخ (رحمه الله) عن زريق وفيه: (ترد المعيشة إلى صاحبها وتخرج يدك عنها) (3) وفي باب اللقطة أيضا (عن الرجل يصيد الطير الذي يسوى دراهم كثيرة وهو مستوي الجناحين وهو يعرف صاحبه، أيحل له