لكن هذا المعنى من الضمان لا يقتضي كون نماء المبيع قبل القبض للبائع نظرا إلى أنه في ضمان البايع لأنه يتلف منه، لأن النماء في ظرف ملكية المشتري، والتلف في ظرف ملكية البائع بالانفساخ القهري قبل التلف آنا ما كما عليه المشهور، فلا مقابلة ولا سببية ولا مقارنة من حيث الملازمة، فتدبر.
ثالثها: أن يراد من الضمان الغرامة أي الخسارة الواردة على تلف المال شرعا سواء كان في المقبوض بالسوم أو بالعقد الفاسد أو بالغصب فما عن صاحب الوسيلة (1) إما مبني على هذا المعنى أو على المعنى الأول، ولكن بجعل التقبل بالعوض أعم من أن يكون ممضى شرعا أو لا، وإلا فضمان المقبوض بالعقد الفاسد ضمان غرامة لا ضمان المعاوضة، وهذا الاحتمال يناسب التضمين بقاعدة الاقدام، فإن البائع أقدم على تضمين العين في البيع دون منافعها، فصح أن يقال إن ملك المنافع مجانا، أو عدم ضمانها بسبب الاقدام على تضمين العين فقط.
ولكنه يرد هذا التفسير أن الضمان بمعنى الغرامة بقول مطلق يرده صحيحة أبي ولاد (2) الدالة على ضمان المنافع زيادة على ضمان العين، كما أن الاستناد إلى قاعدة الاقدام فيه ما تقدم مفصلا، فراجع (3).
رابعها: أن يراد من الضمان ضمان التكفل - كما استظهره بعض أجلة العصر (4) -، نظرا إلى ما عن بعض أهل اللغة على ما في كتاب لسان العرب (5) من ورود الضمان بهذا المعنى مستشهدا فيه بأمثلة، وقد تقدم ذلك في أوائل الكلام (6) في قاعدة ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده، فالمراد حينئذ أن خراج العين وفائدتها بإزاء دخول العين في هالة مالكها، بحيث لو كان حيوانا لكان عليه نفقته وحفظه واصلاحه.