تمكين المالك من استيلائه على ماله مقدمة لاستيلائه لا مناف له حتى يكون ضدا له، وليست ضدا للامساك لأن مقولة تمكن المالك من استيلائه على المال غير مقولة استيلاء المشتري عليه، من دون أن يندرجا تحت جنس قريب كالبياض والسواد المندرجين تحت الكيف المبصر، وعدم اجتماع الامساك والتخلية بهذا المعنى لازم أعم للضدين وغيرهما، فإن لازم النقيض لا يجتمع مع العين أيضا ومع ذلك ليس ضدا له، والتخلية كذلك، فإن تمكين المالك من ماله يلازم رفع اليد عن المال، فهما متنافيان بالعرض لا بالذات، والتخلية بهذا المعنى لا تجب بسبب وجوب ترك الامساك، لأن حكم النقيض لا يسري إلى لازمه، وحيث إن التخلية بهذا المعنى مقدمة للرد لا ضد له فلا يعقل التخيير بين وجوبها ووجوبه، بل تجب بوجوبه، فالتخلية بالمعنى الذي لا مانع من وجوبه أجنبي عن وجوب الرد، وبالمعنى الآخر يتوقف وجوبه على وجوب الرد.
وأما حرمة ترك الرد من باب مقدمة ترك المماثل لوجود المماثل فلا تصح، لما ذكر في محله (1) من الفرق بين مقدمات الواجب ومقدمات الحرام، فإن مقدمات الواجب وإن تعددت وترتبت كلها واجبة، بخلاف مقدمات الحرام فإنه لا محرم إلا المقدمة الأخيرة التي بوجودها يوجد الحرام وبعدمها يبقى الحرام على عدمه، ولو مع وجود ألف مقدمة من مقدماته، فإن المطلوب الحقيقي في طرف الواجب هو الفعل ولا يوجد إلا بوجود جميع مقدماته فتكون كلها مطلوبة، وفي طرف الحرام هو الترك وهو يحصل بترك المقدمة الأخيرة إذا فرض وجود الباقي، وعليه فالمقدمة المحرمة للامساك بقاء هي التي يتوقف عليها الامساك فعلا بحيث لو زالت لزال الامساك، سواء وصل المال إلى مالكه أم لا، وسواء تمكن المالك من الاستيلاء عليه أم لا.
فإن قلت: يمكن ايجاب التخلية بمعنى تمكين المالك من ملكه بوجه آخر، وهو أن حبس المال على مالكه ومنع المالك عن ملكه فعل له مساس بمال المسلم فلا يحل