بطرف واحد، ولا يعقل أن تكون الإباحة التي كانت المعاوضة بلحاظها هي الإباحة التكليفية المحضة، فإن مثل هذه الإباحة حقيقتها الترخيص في الفعل والترك، والتالف خارج عن موضوع الفعل والترك، فلا محالة تكون الإباحة بمعنى يعم التكليف والوضع، وجامعهما عدم التبعة من قبل التصرف في العين تكليفا ووضعا، فلا عقوبة من قبل التصرف فيها، ولا خسارة من قبل تلفها، وإلا فقصر الإباحة على صرف التكليف يوجب زوالها بالتلف، فتكون العين الباقية مباحة بلا عوض، وهو خلاف الفرض، أو غير مباحة وهو أيضا كذلك، إذ لا تزول إباحتها إلا بالرجوع، فاعتبار بقائها بعنوان التعاوض يستدعي اعتبار الإباحة بالمعنى المتقدم، فالرجوع في العين الباقية يستدعي ارتفاع المعاوضة من حيث الإباحة بالمعنى المتقدم، ومقتضاه زوال عدم التبعة من حيث التكليف من العين الباقية، وزوال عدم التبعة من حيث الوضع من العين التالفة، فرجوع التالف إلى مالكه مقتضاه كون تبعته وخسارته على من تلف بيده، كما عرفت في رجوع الملك التالف إلى الفاسخ سابقا، فتدبره (1) فإنه حقيق به.
وأما على الثانية: فتقريبه أنا قد ذكرنا (2) سابقا أن رضى كل من المتعاطيين باستيلاء كل منهما على مال الآخر مستفاد من كون كليهما في مقام التمليك والتملك، وتمكن كل منهما من مال الآخر بنحو أوفى، فإثبات يد كل منهما على مال الآخر بسب تسليط كل منهما خارجا عن رضاه، فمثل هذا التسليط الخارجي الصادر عن الرضا قصد به التمليك بالعوض لا بنحو المجانية، فالرضا مقيد، والإباحة الشرعية إذا كانت مستندة إلى مثل هذا الرضا الضمني فلا بد من أن تكون بنحو التعاوض لا بنحو المجانية، وإلا كانت على خلاف رضا المتعاطيين وهو خلف، وإذا كانت الإباحة الشرعية معاوضية لا مجانية جرى فيها التقريب المتقدم بناء على الإباحة الضمنية.
نعم بناء على الإباحة التعبدية المحضة الغير المستندة إلى تسبيب المالك ضمنا