تنبيه: ظاهر المصنف (قدس سره) وغيره هنا وفي غير المقام من الترديد بين كون الجواز من عوارض العقد أو من عوارض العوضين، هو الترديد بين أمرين متبائنين، بحيث يكون موضوع أحدهما قابلا للبقاء دون الآخر، وظاهر بعض أعاظم العصر في مسألة التلف في زمن الخيار هو الترديد بين الاطلاق والتقييد، حيث قال: (ليس الشك من هذه الجهة شكا في قيدين متبائنين، بل الشك من هذه الجهة شك في الاطلاق والتقييد، لوضوح أن ليس المراد من التعلق بالعين السلطنة على احداث ملك جديد فيها، نظير تملك مال الكافر الحربي مثلا، بل المراد الاسترداد بفسخ العقد، ففسخ العقد ملحوظ ومراد لا محالة، إنما الشك في أن هذا الفسخ هل قيد بما يقتضي كون اللازم منه رجوع العين إلى الفاسخ أو لا؟ بل هو باق على اطلاقه المقتضي لرجوع العين تارة، ورجوع البدل أخرى) انتهى.
وهو مبني على أنه لا معنى معقول لتعلق الخيار بالعين إلا تملكها، مع أن المراد ليس احداث ملك جديد، فلم يبق معنى معقول إلا السلطنة على فسخ العقد، إما مطلقا أو مقيدا، وأنت خبير بأن اعتبار رد الملك اعتبار صحيح لا دخل له بالتملك الموجود في الأخذ بالشفعة أو تملك مال الحربي، ورد الملك إلى نفسه وإن كان موجبا لتملكه، إلا أنه كذلك بالدقة لا بحسب الاعتبار، وبذلك يندفع توهم أن الفسخ معاوضة جديدة، بل اعتباره اعتبار حل المعاوضة.
نعم بناء على ما سبق منه في الأمر بالوفاء بالعقد - من أن المراد من العقد إما اللفظ الذي ينشأ به المضمون، أو نفس الانشاء المنكشف باللفظ، وأنه ليس بعدهما شئ إلا وجوب الوفاء تكليفا، والتأثير في الملكية وضعا - كان ينبغي له أن يقول لا معنى لحل العقد إلا رد الملك، إما مطلقا أو مقيدا، وقد مر منا مرارا (1) أن العقد الحقيقي له اعتبار البقاء عرفا وشرعا، فلا اشكال من هذه الجهة أيضا.
- قوله (قدس سره): (مع أن الشك في أن متعلق الجواز هل هو أصل... الخ) (2).