مثلا، والمفروض حل هذه المعاوضة وخروج كل منهما عن كونه معوضا وعوضا، فلا يعقل أن يعود كل منهما معوضا ومضمونا بضمان المعاوضة، ولم يكن الضمان المعاوضي بمطلق العوض الشامل للعين وبدلها الواقعي حتى تعود العين أو بدلها، لوضوح أن ضمان المعاوضة كان بالمسمى، فإما أن لا ينحل العقد للزوم كون الباقي مجانيا لتلف ما يقابله، أو ينحل ولا غرامة، وليس الفسخ معاوضة جديدة حتى يقتضي رجوع العين الباقية تملك ما يقابلها وهو البدل الواقعي، لعدم معقولية تملك التالف إذ هو عين المجانية وعدم المعاوضة الحقيقية، ولا يخفى أن هذا الوجه على فرض صحته لا يقتضي أيضا رد الملك حقيقة، بل رده برد بدله.
رابعها: ما عن غير واحد أيضا من أن العين حيث كانت تالفة، فتقدر موجودة عند المفسوخ عليه لتعود إلى الفاسخ، وحيث إنه قدرت موجودة في عهدة المفسوخ عليه، يجب ردها برد بدلها خروجا عن عهدتها المفروضة.
وفيه: أنه لا شبهة في لزوم تقدير الوجود، إذ المعدوم بما هو معدوم ولا رجوع له، ولا بد من تقديره مملوكا للفاسخ، إذ الرجوع المضاف إلى المقدر وجوده ليس إلا صيرورته مضافا إلى الفاسخ بإضافة الملكية، إلا أن مجرد تقدير الوجود المفروض كونه مملوكا للفاسخ لا يقتضي الضمان بوجه، فإن البدل حينئذ بدل الحيلولة، لأن المفروض ملكية أمر مقدر الوجود، وحيث إنه لا يتمكن من أداء المقدر وجوده لعدم قابليته بنفسه للأداء يجب دفع بدله، لمكان عدم التمكن من أدائه، مع أن عدم التمكن من الأداء وإن فرض في الموجود الفعلي أيضا لا يوجب الضمان إلا إذا كانت هناك يد مضمنة.
ومما ذكرنا ظهر أن تقدير وجود التالف وتقدير ملكه للفاسخ اعتبار صحيح من مقتضيات انحلال العقد، بخلاف تقدير وجوده في عهدته فإنه تضمين ابتدائي بلا موجب، فتقدير وجوده عنده صحيح، وتقدير وجوده في عهدته جزاف، ولا يخفى أن هذا الوجه أيضا لا يقتضي ملكية التالف حقيقة، أما تقدير وجوده في عهدته فهو لا يوجب إلا التضمين ودفع البدل.