ذكر منك.
ومنها: أن الأمر بالوفاء العقدي إما مولوي أو ارشادي، والارشادي إما إلى الصحة أو إلى اللزوم أو إليهما معا، لا مجال لكونه ارشاديا إلى الصحة، لأن الأمر بشئ يعقل أن يكون ارشاديا إلى ما فيه من الفائدة المترقبة منه لا إلى ما في غيره من الفائدة، فقوله (عليه السلام): (إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم) (1) يصح أن يكون ارشاديا إلى ما في انشاء البيع من الفائدة، لكن الأمر بالوفاء لا يصح أن يكون ارشادا إلى ما في البيع من الفائدة، بل إلى ما في الوفاء من الفائدة، وترتب الوفاء على الصحة وامكان الأمر به دليلا على الصحة، إلا أنه بالدلالة الفعلية لا بالدلالة الكلامية، ولذا ذكرنا في محله (2) أن الأمر بشئ لانبعاثه عن المصلحة وإن كان يدل عليها، إلا أنه من باب دلالة المعلول على العلة، لا بنحو سوق الانشاء لإرائة ما فيه من المصلحة في قبال سوقه لجعل الداعي.
ومما ذكرنا تبين عدم الارشاد إلى الصحة واللزوم معا، لما مر (3) ولعدم الجامع، وأما الارشاد إلى اللزوم الوضعي فهو في حد ذاته معقول لكنه خلاف ظاهر الأمر والنهي، إلا أنه ربما يدعى الظهور الثانوي لهما في باب المعاملات في الارشاد، كما يدعى ظهور الأمر بالاجزاء والشرايط في التكليفات في الارشاد إلى الجزئية والشرطية.
ويمكن أن يقال: إن المسلم من ذلك فيما إذا تعلق الأمر أو النهي بنفس المعاملة، كقولهم (عليهم السلام): (بيعوا ولا تبيعوا) لا في مثل الأمر بالوفاء والنهي عن النقض والنكث، فإن مناسبة الحكم والموضوع فيه تقتضي مولوية الأمر والنهي، فإن الآيات الواردة في باب الوفاء والنقض والنكث وتوصيف المؤمنين بالوفاء بالعهد والميثاق، وتوصيف غيرهم بأنه لا عهد لهم ولا يمين لهم، كلها شاهدة على أن مساقها مساق