العبرة بناء على الملك بصدق البيع المتقوم بالايجاب والقبول وهما مفروض (1) الحصول، وأما بناء على الإباحة فالمناط تحقق السيرة على مثله، ومن البين شيوع النسية والسلف في المعاطاة عند العرف.
وأما ما عن بعض المحشين (2) من الاستدلال بدليل السلطنة فغير وجيه، فإنه إنما يصح الاستدلال به إما لإفادة الملك فيما إذا قصد الملك، أو لإفادة الإباحة المالكية فيما إذا قصدها، وأما ترتب الإباحة شرعا على المعاطاة المقصود بها الملك فهو أجنبي عن سلطنة الناس على أموالهم، لخروجها عن تحت تصرفات المالك فلا يكون له السلطنة عليها.
ثالثها: إذا لم يكن إعطاء أصلا بل ايصال ووصول، فإن فرض تسبب الموصل بايصاله إلى التمليك وتسبب من وصل إليه بوصوله إلى مطاوعته كان بيعا، وإلا فلا بيع أصلا حتى يدخل تحت عنوان المعاملة الفعلية، ولا يبعد استكشاف هذا المعنى من السيرة المتعارفة في مثل شرب الماء ووضع العوض أو الدخول في الحمام ووضع الأجرة، وهو أن السقاء وضع الماء قاصدا به تمليك كل من شرب منه بإزاء ما تعارف فيه من العوض، وأن الحمامي قصد تمليك المنفعة لكل من دخل الحمام بإزاء الأجرة المعهودة، فيغتفر في المعاملة الفعلية ويتسامح فيها بما لا يغتفر ولا يتسامح فيه في القولية.
رابعها: ما إذا لم يكن إلا المقاولة الكاشفة عن الرضا، ولم يستبعد المصنف (قدس سره) صحتها بيعا، إلا أن حقيقة المقاولة مبائنة لحقيقة المعاملة والمبادلة، ولا يقاس بالقول الفاقد للشرائط، إذ لا يشتمل على ما ينافي المعاملة، بخلاف المقاولة فإن المقاولة على المبادلة وإلا لم تكن مقاولة على الشئ بل هو ذلك الشئ، نعم إذا نسبت إلى المبادلة باللفظ المرسوم في مقام المقاولة كان صالحا للتسبب إذ ليس فيه ما ينافيه، هذا من حيث إفادة الملك.