ثانيهما: ما أفاده (قدس سره) - في أول الخيارات (1) - من أن المستثنى ظاهر في أن التجارة عن تراض سبب لجواز الأكل مطلقا، حتى بعد الرجوع نظير ما ذكرنا في دليل السلطنة.
ويرد عليه: أنه من التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية، فإن حصر مجوز الأكل في التجارة عن تراض، إنما يراد به أكله على أن يكون ملكا للآكل لئلا ينقض بالإباحات، ولم يعلم بعد الرجوع بقائه على ملكه، ولعله المراد من قوله (قدس سره) بعد التقريب الأول (إن التوهم المتقدم جار هنا) (2) أي له تقريب آخر كما في السابق يرد عليه الاشكال، وإلا فالتقريب الأول دافع للاشكال لا مورد له.
نعم يمكن أن يورد على التقريب الأول أن الاستثناء يدل على أن كل تصرف يرد على المال بعنوان أنه ملك للمتصرف، فسببه منحصر في التجارة عن التراضي، والتملك بالرجوع سنخ تصرف يرد على ملك الغير، فمثل هذا التصرف لا يعقل أن يكون سببه التجارة عن تراض، فلا نظر لهذه الآية إلى أمثال هذه التصرفات، ومن الواضح أن الموضوع - وهو مال الغير في سنخ هذا التصرف - معلوم لا مشكوك على سياق التوهم المتقدم.
ويندفع: بأن الآية وإن كانت ابتداء لا تدل على عدم نفوذه، لكنها تدل على أن سبب أكل المال منحصر في التجارة عن تراض، ولا يجوز الأكل بالرجوع لأنه غير تجارة ولاعن تراض، ولا معنى لنفوذه وعدم جواز الأكل مع عدم موجب للحجر عن ملكه، وكان هذا الاشكال مبني على حصر سبب التملك لا حصر سبب جواز الأكل بالرجوع، فتدبر.
- قوله (قدس سره): (والتوهم المتقدم جار هنا... الخ) (3).
قد عرفت المراد منه (4) آنفا، وفي بعض النسخ المصححة لبعض الأجلة " غير