وأما كونه أقرب من الاحتمال الثالث والرابع، فكونه أقرب من الاحتمال الثالث موضوعا ومحمولا واضح، لأن الألفاظ وإن كانت موضوعة لنفس المعاني من دون أخذ الوجود أو العدم فيها، إلا أن المفاهيم الثبوتية إذا أطلقت في غير مقام الحدود يراد منها ما هو بالحمل الشايع، فمطابقها حيثية ذاته حيثية طرد العدم، فلا معنى لاطلاق الكلام وإرادة عدمه، بخلاف إطلاق الكلام وملاحظته فانيا في مطابقه، هذا باعتبار الموضوع.
وأما الأقربية باعتبار المحمول فلأن إطلاق المحلل على عدم الكلام لا يخلو عن مسامحة، إذ بقاء كل من العينين على ملك صاحبه ببقاء علته لا بعدم علة ضده، كما أن إطلاق المحرم على الايجاب المتعلق بما ليس عنده أي الايجاب في غير محله، ففيه أيضا مسامحة إذ عدم حلية المال بعدم حصول الايجاب الصحيح لا بحصول الايجاب الفاسد.
ومنه يعلم: أن قياسه بباب المزارعة باطل، لأن المراد من محرمية تسمية ما للبذر والبقر باعتبار أنه مفسد لعقد المزارعة، فالمحرمية وضعا صحيحة، بخلاف محرمية الايجاب الواقع في غير محله، فإنها غير صحيحة لا تكليفا ولا وضعا.
نعم لو كانت العبارة " يحل الكلام ويحرم الكلام " من باب الفعل المجرد، كما في نسخة الوسائل الموجودة عندي لأمكن اصلاحه بإرادة الحلية الوضعية والحرمة الوضعية، والمراد أن ايجاب البيع هو الذي يوصف بالنفوذ تارة، وبعدمه أخرى دون المقاولة الخارجة عن مقسم الحل والحرمة وضعا.
ومما ذكرنا أولا تبين وجه الأقربية من الرابع من الوجوه، مضافا إلى ما فيه من التفكيك في المراد من الكلام بين الفقرتين.
وهنا احتمال سادس وهو أن الايجاب الصحيح في ذاته يؤثر تارة في الحل وأخرى في الحرمة، كالنكاح المؤثر في الحلية والطلاق أو الظهار المؤثر في الحرمة، والمراد أن السبب المؤثر تارة في الحلية وأخرى في الحرمة منحصر في الكلام، لا أن الصحيح المحلل والفاسد المحرم منحصر في الكلام حتى يورد عليه بالاشكال في