والملتفت لا ينخدع، وكذا التفسير بما لا يؤمن معه من الضرر وبعدم كونه على عهدة وثقة تفسير بلازمه الغالبي، والتفسير بما له ظاهر محبوب وباطن مكروه تفسير بمورده ومحله، إلا أن الظاهر عدم إرادة معناه الحقيقي وهي الخديعة التي لا شبهة في حرمتها، كما لا شبهة في عدم بطلان البيع معها، بل غايته خيار التدليس أحيانا، وإرادة خصوص الخطر الذي هو لازمه الغالبي مستند إلى فهم العامة والخاصة، لاتفاقهم ظاهرا على ذلك كما يتضح بالمراجعة إلى استدلالات الفريقين به في أبواب المعاملات، وأما الحاق الإجارة بالبيع فسمتنده إما فهم المناط القطعي أو ما أرسله الشهيد " قدس سره " في قواعده من أنه " نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر " (1).
ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه لا مستند لاعتبار القدرة على التسليم إلا دليل نفي الغرر، وحيث إن المدار على الغرر فالمعتبر في نفوذ المعاملة ما لا يكون الاقدام عليه خطريا إما بالعمل أو بالوثوق بحصوله في يده. دون القدرة بعنوانها فضلا عن القدرة الواقعية.
وينبغي التنبيه إلى أمور مهمة: (الأول) إن الحاجة إلى دليل على اعتبار القدرة على التسليم إنما هو فيما كان لوجود المملوك مقام ولتسليمه مقام آخر كالعين في البيع. فإن المفروض وجودها إلا أنه مقدور على تسليمه تارة وغير مقدور على تسليمه أخرى. وكالمنفعة. فإنها موجودة بوجود الدابة مثلا. إلا أن تسليمها بتسليم الدابة مقدور عليه تارة وغير مقدور أخرى. بخلاف الأعمال. فإن ايجادها ووجودها وتسليمها وتسلمها واحد. فعدم القدرة على تسليم العمل مرجعه إلى عدم القدرة على إيجاده. وما يمتنع إيجاده غير قابل للملكية من دون حاجة إلى دليل آخر كدليل الغرر وغيره. كما أن العمل الذي يشك في القدرة عليه لا يمكن تمليكه منجزا.
وتمليكه معلقا فاسد.