بإذن المالك لم يكن إلا بملاحظة أن إقدام الملك برضاه على الإجارة المقتضية لتسليط المستأجر مقدمة لاستيفاء المنفعة هو الرافع للضمان وإلا فتسليطه بعد عقد الإجارة من باب اللابدية التي لا يكشف عن الرضا باستيلاء المستأجر بخلاف ما نحن فيه، فإن مالك العين هو مالك العمل، فليس تسليمه للعين مقدمة لاستيفاء عمل الغير إلا عن رضاه بعد العقد. فتدبر جيدا.
المسألة الخامسة: في الشرايع: يجب على المستأجر سقي الدابة وعلفها ولو أهمل ضمن. انتهى (1).
أما تنقيح الكلام في المسألة الأولى وهي وجوب السقي مثلا، فالكلام فيه تارة في أصل الوجوب وأخرى في الرجوع بعوض ما بذله على المالك.
(أما الأول) فنقول: حفظ الدابة بسقيها وعلفها، تارة بجهة غير مرتبطة بالإجارة كحفظ النفس المحترمة والمال المحترم، فإنه لو وجب حفظها من هاتين الجهتين لم يكن مختصا بالمستأجر بما هو بل جميع المكلفين كذلك، وأخرى بجهة مرتبطة بمرحلة الإجارة، إما من حيث اقتضاء عقد الإجارة أو الشرط الصريح أو الضمني فيه أو من حيث اقتضاء التسليم على وجه التأمين.
أما الحفظ من جهة كونها نفس محترمة فلا يجب في غير الآدمي، ولذا لا يجب التقاط الحيوان إذا خاف عليه التلف. والحفظ بعد الالتقاط من حيث كونها أمانة شرعية يجب حفظها من التلف، كما أن الوجوب على مالكها من حيث وجوب نفقة المملوك على مالكه لا من حيث حفظ النفس المحترمة التي لا فرق فيها بين المالك وغيره. نعم إن كان المملوك عبدا أو أمة يجب حفظه بجميع أنحاء الحفظ حتى من الآفات الواردة عليه كالحر من دون فرق بين المالك وغيره، ومن دون فرق بين كونه أجيرا أو لا، ومن دون فرق بين حضور مالكه وعدمه إذا أهمل الواجب في حقه.
وأما الحفظ من حيث كونه مالا محترما فلا يجب أصلا، ولذا لا يجب التقاطه بل