كل واحد من طرفي الترديد قد أخذ متعينا بجميع أنحاء التعين الماهوي والوجودي فلم يبق شئ حتى يلاحظ بلا تعين ماهوي أو وجودي. وحيث لا شئ هنا فلا يعقل أن يكون فرض الترديد مصححا لتعلق أية صفة تعليقية بما لا ثبوت له فكل هوية تعلقية حقيقية أو اعتبارية حيث إنها متقومة بطرفها فيستحيل تحققها في الخارج أو في أفق الاعتبار مع عدم الطرف المقوم لها والمشخص لوجودها. وهذا هو الوجه في عدم المعقولية لا أن العرض يحتاج إلى موضوع معين خارجا حتى يقال بأن الملكية الشرعية أمر اعتباري لا متأصل كما يؤمي إليه كلام شيخنا العلامة الأنصاري " قدس سره " في باب بيع أحد الصيعان بنحو الجزئي المردد. وكل ما يفرض في الفقه بناء على القول به كطلاق إحدى الزوجتين وعتق أحد العبدين والوصية بأحد الشيئين أو لأحد الشخصين فلا بد من حمله على التعلق بماله تعين واقعا ولو بعنوان ما يختاره فيما بعد أو ما يقع عليه سهم القرعة وإلا فالمحال لا يقبل التعبد به شرعا.
ومما ذكرنا تبين حال المسألة الثالثة وهي الإجارة على العمل المردد من حيث الزمان، فإن المسألتين من واد واحد إمكانا وامتناعا صحة وفسادا.
نعم يمكن تصحيح المسألتين باخراجها من فرض الترديد في الإجارة بارجاعهما إلى إجارة وشرط، فإن طبيعي الخياطة متقوم بدرز واحد وهي الخياطة الفارسية فهي المستأجر عليها بدرهم. وزيادة درز آخر المحقق للخياطة الرومية أخذت بنحو الاشتراط بإزاء درهم آخر. وكذلك طبيعي العمل الزماني متقوم بايجاده في طبيعي الزمان وهو مورد الإجارة بدرهم والتعجيل فيه بايجاده في اليوم أخذ بنحو الاشتراط بإزاء درهم آخر، وقد عرفت أن التعليق في الشرط ليس فيه محذور على المشهور. كما يمكن تصحيحهما بارجاعهما إلى الجعالة لوجود الشرطين المتقدمين من كون الأجر والجعل للعامل ومن كون العمل مالا. إلا أن محل النزاع من حيث الصحة والفساد في المتون الفقهية هي الإجارة بنحو الترديد كما هو واضح للمراجع.
وفي الشرايع القول بالصحة في المسألة الثانية بلا تردد، وفي المسألة الثالثة بعد