ترى أن ايصال النفع إلى غيره حسن لكنه لا يرتفع به قبح الكذب بخلاف عنوان انجاء المؤمن، فإن تركه فيه هلاك المؤمن وهو ظلم قبيح بذاته، ومن البين أن وضع اليد على مال الغير بدون إذنه ورضاه إساءة إليه وظلم عليه فمجرد داعي الايصال لا يرفع قبحه، ولذا لو لم يكن دليل على جواز الالتقاط لم يكن الالتقاط بقاعدة الاحسان جائزا.
(لا يقال) ترك إيصال المال قبيح فحسن الايصال من الحسن اللزومي.
(لأنا نقول) أما إذا لم تكن له يد على المال فايصاله غير واجب وتركه بترك اليد عليه غير قبيح، وأما إذا كانت يده عليه فايصاله لازم من حيث حرمة إمساكه، وإيصاله حينئذ من باب ترك الإساءة لا من باب أنه إحسان محض. وبالجملة قاعدة الاحسان إنما تجدي في موارد جواز وضع اليد حتى يتمحض في الاحسان، مثلا إذا علم من حال زيد الرضا بوضع اليد على ماله لايصاله فإنه ليس منه تسليط ليكون أمانة مالكية، إلا أنه إذا كان وضع اليد جائزا فوضع يده عليه لايصاله كان إحسانا محضا منه، ومع تلفه قبل وصوله لا ضمان بقاعدة الاحسان المخصصة لقاعدة اليد كتخصيصها بقاعدة الائتمام، ومن جميع ما ذكرنا تبين أن العين في المدة وبعدها أمانة مالكية إلا في صورة عدم الالتفات إلى انقضاء المدة أو عدم التمكن من المطالبة، فإنه حينئذ لا كاشف عن أن هذه الاستيلاء عن رضا المالك بقاء إلا بالأصل، وأما مع العلم بأنه غير راض ببقائها تحت يده بعد المدة وإن لم يلتفت فلا رافع للضمان، وقد عرفت حال الأمانة الشرعية.
الثاني: هل حال العين المقبوضة بالإجارة الفاسدة كالمقبوضة بالصحيحة غير مضمونة أو لا؟ فنقول: أما في صورة الجهل بالفساد في المقبوض هنا وإن كان يفارق المقبوض البيع الفاسد من حيث إنه لا يعقل في البيع أن تكون العين أمانة مالكية، حيث لا يعقل جعل ملك أحد أمانة عنده، وهذا بخلاف الإجارة فإن العين على تقديري الصحة والفساد حيث إنها ملك المؤجر قابلة للتأمين المالكي، إلا أن الإجارة كالبيع في محذور آخر وهو ابتناء اقباض العين على أمر غير حاصل وهو