ثانيهما: قيامها بموجدها بقيام صدوري، والاسكان والمسكنية بهذا الاعتبار من باب الايجاد والوجود، ولا فرق في اتصاف تلك الحيثية بالحرمة بين أن تكون بلحاظ قيامها بالساكن المخرج لها من القوة إلى الفعل بدخوله في الدار وأن تكون بلحاظ قيامها بقيام صدوري بالمتصف بالاسكان باعداده المخرج لها من القوة إلى الفعل، وتوسط إرادة الفاعل المختار يمنع عن استناد فعله إلى الغير بحيث يكون سكونه سكونا للمؤجر باعداده كما في استناد القتل إليه باعداده، لا أنه يمنع عن استناد الاسكان إليه كما عرفت في نسبة التمليك إلى البايع بايجابه مع توقف وجود الملكية على قبول المشتري برضاه، هذا.
إلا أن مقتضى ما قيل في وجه شرطية إباحة المنفعة من أن المنفعة المحرمة لا مالية لها ولا هي مملوكة لمالك العين عدم شرطية الإباحة هنا، إذا المفروض كون المنفعة مملوكة له وإنما التزم بترك التصرف فيها باسكان الغير، وأما الحاق الإجارة بالبيع لبطلان البيع فيما إذا باع العنب ليعمل خمرا، فإن العنب مملوك إلا أن الانتفاع به بهذا الوجه حرام ومع ذلك فبيعه لهذه الغاية فاسد، والمنفعة هنا أيضا مملوكة إلا أن استيفاءها بهذا الوجه الملتزم بتركه حرام فيندفع بأن القول بالبطلان في البيع للنص لا بحسب القاعدة حتى يجري في الإجارة، مع أن لازم بطلان الإجارة هنا الاقتصار على ما إذا آجره على وجه يتصدى لاسكانه، لا ما إذا آجره مطلقا أو ليسكن فيه، ومن جميع ما ذكرنا في هذا الأمر والأمر المتقدم تبين أن الإجارة الثانية صحيحة على أي تقدير، والله أعلم.
و (منها) في نتيجة القول بالصحة مع شرط الاستيفاء والقول بالبطلان، فنقول:
أما إذا قلنا بالصحة فالكلام تارة في ثبوت الخيار للمالك بملاحظة تخلف المستأجر عن الشرط، وأخرى في انحلال الإجارة الثانية تحل الإجارة الأولى، أما ثبوت الخيار فحيث إن منشأه الضرر المنفي بقاعدة نفي الضرر فلا بد من كون اللزوم ضرريا لوقوعه في ضرر مالي أو نقض الغرض المعاملي المعبر عنه بالضرر الحالي، فإن كانت الإجارة بالشرط المزبور المضيق لدائرة السلطنة على المستأجر بأقل من القيمة السوقية فلا