الأخبار في تلك المسألة، ومجمل القول في المسألتين أن الأعيان على قسمين:
(منها) ما تتمحض جهة الانتفاع به في الحرام كالخمر، فإن المنفعة المترقبة منها شربها، وكالخنزير، فإن المنفعة المترقبة منه أكله، وهكذا غيرهما مما يتمحض نوعا في المحرم.
(ومنها) ما لا تتمحض جهة الانتفاع به في الحرام كغير المذكورات من الأعيان المباحة التي يمكن الانتفاع بها على جهة الحلال والحرام كالعنب، فيؤكل تارة أو يشرب عصيره ويعمل خمرا أخرى، وكالخشب يجعل سريرا تارة ويجعل صليبا أخرى.
وقد استفيد من رواية تحف العقول أن ما تمحض في الجهة المحرمة لا يجوز ايقاع أي عقد عليه (1)، فيفهم منه أن تمحضه في الانتفاع المحرم يوجب سقوطه عن المالية شرعا لتقومها بالمنفعة الخاصة به، والمفروض أن الشارع أسقط هذه المنفعة عن درجة الاعتبار، وأن ما لم يتمحض في الجهة المحرمة باق على ماليته وإن انتفع به المشتري مثلا في جهة الحرام، ومن البين أن قصد الغاية المحرمة لا يضيق دائرة العين كلية كانت أو شخصية، كما أن المفروض عدم انحصار جهة الانتفاع به في الحرام كالخمر و الخنزير، ومجرد قصد الغاية غير المحللة لا يوجب إلا عنوان الإعانة على الإثم، والبيع المعنون بهذا العنوان وإن كان حراما إلا أن مثل هذه الحرمة لا يوجب فساد البيع، وليس في أخبار باب بيع العنب رواية تدل على حرمة بيع العنب ليعمل خمرا، بل الموجود حرمة بيع الخشب ممن يعمل صنما أو صليبا (2)، مع دلالة الروايات المستفيضة على جواز بيع العنب ممن يعمل خمرا (3)، بل على جواز بيع الخشب ممن يعمله برابط (4)، فحمل المشهور على التفصيل بين قصد الغاية المحرمة