وعليه فالوجه الثاني أقوى الوجوه.
(الرابع) إذا عمل للغير أو لنفسه في بعض المدة قبل أن يعمل للمستأجر الأول شيئا فحكم المنفعة التي أتلفها على المستأجر من الانفساخ أو ضمان البدل أو التخيير بين إعمال خيار التعذر وإعمال سبب الغرامة ما تقدم آنفا، حيث لا فرق بين اتلاف تمام المنفعة أو بعضها، لوضوح شمول مدارك الوجوه الثلاثة للكل والبعض إنما الكلام في أنه للمستأجر خيار الفسخ في الجميع أو أنه يختص بما أتلفه الأجير على المستأجر وأنه له الخيار في خصوص الباقي أم لا؟
فنقول: إن كان له خيار في الجميع فهو بملاك التبعض، والتبعض تارة بلحاظ الملك وأخرى بلحاظ الانتفاع، ففي العقد على ما يملك وما لا يملك حيث إن الغرض تعلق بملك المجموع فملك البعض مناف لغرضه المعاملي فله الخيار، وفي مورد تعذر التسليم لم يتخلف الملك بل التخلف راجع إلى الغرض من التملك وهو الانتفاع به، ففيما نحن فيه لا مجال لخيار التبعض بالملاك الأول إلا على القول بانفساخ العقد باتلاف البعض، فإنه يتبعض الملك فيتحقق ملاك الخيار على الوجه الأول.
وأما مع أعمال خيار التعذر فيما أتلفه فيتبعض الملك في الباقي ففيه إن ضرر التبعض من ناحية اقدامه لا كالانفساخ بحكم الشارع، وأما أعمال الخيار بالملاك الثاني في الجميع فلا مانع منه من دون ملاحظة إعمال خيار التعذر، لأن المفروض أن الغرض كما تعلق بملك المجموع كذلك تعلق بالانتفاع بالجموع فله دفع تبعض الانتفاع الذي هو مناف لغرضه بفسخ العقد رأسا، وأما فسخه في خصوص الماضي أو في خصوص الباقي فكلاهما مساوق للتبعض، فلا يعقل دفع التبعض بما يستلزم التبعض، فإنه نظير ما يلزم من وجوده عدمه.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أن أعمال الخيار في خصوص الماضي صحيح بملاك التعذر على القول به واعمال الخيار بملاك التبعض غير جار على أحد الملاكين وجار على الوجه الآخر لكنه في الجميع لا في البعض من دون فرق بين الماضي والباقي،