بالمطابقة والسلطنة على استيفاء ماله بالالتزام.
وأما توقف استيفاء المنفعة المملوكة على إتلاف مال الغير فلا يكون بنفسه رافعا للضمان الثابت بثبوت مقتضيه إلا بابداء مانع عن تأثير الاتلاف، ولذا قلنا سابقا إن توقف استيفاء المنفعة على الاستيلاء على العين بمجرده لا يرفع الضمان الثابت بوضع اليد على مال الغير، بل لا بد من تأمين من المالك، إما بالمعنى الأخص أو بالمعنى الأعم، والتمكين من الاستيفاء هو اللازم على المؤجر لا التأمين بأحد الوجهين. وتوهم أن الإذن في استيفاء المنفعة إذن فيما يتوقف عليه فاسد، لأن استيفاء المستأجر لما يملكه غير منوط بإذن المؤجر حتى يكون الإذن فيه إذنا فيما يتوقف عليه، وجوازه شرعا وإن استلزم جواز ما يتوقف عليه إلا أنه بما له من الحكم لا أنه أمانة شرعية أو إذن من الشارع في إتلاف مال الغير مجانا، فلا بد من التشبث بما ذكرناه في المباحث السابقة من أن إقدام المؤجر بطبعه ورضاه على الإجارة المتوقفة على إثبات اليد على العين تسليط منه على العين برضاه، وهي الأمانة بالمعنى الأعم كما مر توضيحه، فكذا هنا إقدامه ابتداء بطبعه ورضاه على الإجارة المتوقفة من حيث استيفاء المنفعة بها على الضرب العادي مثلا رضى منه بالاتلاف العادي، وبقية الكلام فيما سيأتي إن شاء الله تعالى في أحكام الإجارة مفصلا فانتظر.
المبحث التاسع: من أحكام المنفعة من حيث شرطية معلوميها ما ذكره في الشرايع من أنه يجوز استيجار المرأة للرضاع مدة معينة بإذن زوجها (1)، وقد اضطربت كلمات الأصحاب فيه وفي أمثاله كإجارة الفحل للضراب والحمام للاستحمام والبئر للاستيفاء الشاة للبنها والشجرة لثمرها إلى غير ذلك، ووجه التعرض لها أن حقيقة الإجارة تقتضي ملك المنفعة لا ملك الأعيان كاللبن في المرضعة والشاة والماء في الحمام والبئر وهكذا. فإن كانت هذه الأعيان مملوكة بعقد الإجارة فهي خلاف مقتضاها وإلا فما المملك لها، إذ المفروض أنه لا سبب إلا