وأما المقام الثاني: وهو ضمان الدابة بالتلف ففيه صور:
الأولى: ما إذا كان المحمل هو المستأجر بلا إذن ولا تغرير من المؤجر وفيه وجوه وأقوال: (أحدها) ما هو المشهور من ضمان تمام قيمة الدابة. (ثانيها) ضمان نصفها كما نسب إلى العلامة " رحمه الله " في الارشاد (1). (ثالثها) التوزيع على الزائد والمزيد عليه فيضمن القيمة بالنسبة إلى ما لا يستحق، وتوضيح المقام يستدعي تمهيد مقدمة أمام الكلام.
فنقول: لا ريب في استناد التلف إلى هذا الحمل الشخصي المتقوم بعشرين رطلا مثلا لا إلى ذات الزائد ولا إلى ذات المزيد عليه، لأن الزائد إن كان كالمزيد عليه عشرة لم تكن العشرة على الفرض متلفا فلهيئة الاجتماع والانضمام دخل في التلف، وقد قرر في محله أن الواحد بالحقيقة لا يستند إلى الواحد بالاعتبار، وبين سر حمل العشرة رجال لحجر واحد لا يقوم بحمله إلا عشرة، فيتوهم استناد الحمل الواحد إلى العشرة التي هي واحدة بالاعتبار، بتقريب أن لكل واحد من العشرة تأثيرا في الحمل بحيث لا يبين أثره إلا عند الانضمام على حد انضمام بعض أجزاء الحجر إلى بعض بحيث لو انقسم الحجر إلى عشرة أجزاء لكان كل من العشرة قابلا لحمله ففي الحقيقة قد استند الواحد بالانضمام إلى الواحد بالانضمام، وفيما نحن فيه كذلك، فإن كل رطل من العشرين رطلا له أثر ضعيف في وهن الدابة ولا تظهر تلك الآثار إلا عند انضمام الأرطال بعضها ببعض، وذلك الثقل الطبيعي المتصور بصورة الوحدة هو المتلف للدابة، فيصح أن حمل كل رطل له دخل في التلف، فيوهم أن مقدارا منه بحق ومقدارا منه بغير حق، فلا يضمن إلا ما هو بغير حق، وليس حمل ما هو غير مستحق بعد ما هو مستحق حتى يتوهم أن التلف مستند إلى الجزء الأخير من السبب، كما إذا جرحه بحق ثم جرحه بغير حق فتلف، فإن التلف ينسب إلى الأخير فيضمن تمام الدية، إذ ليس المراد من الحمل مجرد الوضع على