وبقية الكلام في محله.
وأما ما أفاده في الجواهر بعد التمثيل بمنافع الأوقاف العامة من أنه لا ينافي عموم الوقف جواز إجارة الحاكم ولو لبعض من هو مصرف الوقف.. الخ (1)، فإنما هو لدفع شبهة أن تمليك المالك لا معنى له، وأما جوابه بأن بعض أهل الوقف الذي يستأجر الموقوفة متصرف تنظيرا ببيع الزكاة لبعض من هو مصرف لها فلا حاجة إليه، فإنه يوهم أنه لا يملك بل هو مصرف محض كمصرفية بناء القنطرة مثلا للزكاة، بل الجواب أن الطبيعي هو المالك دون الأشخاص فلا يملك الشخص إلا بعد إقباض المتولي، فالإجارة ليست تمليكا للمالك بل تمليك لمن يصلح أن يملك بعد قبضه بعنوان كون الكلي متعينا فيه بتعيين المتولي.
المبحث الثاني: لا إشكال في جواز إجارة المستأجر من المؤجر وغيره وقد تقدم بعض الشبهات في نظير المسألة وهو البيع من المستأجر مع دفعها، إنما الاشكال في ضمان المستأجر إذا سلم العين إلى المستأجر الثاني من دون إذن المالك، وهذا البحث مبني على ما تقدم من عدم ضمان المستأجر الأول للعين، وإلا فالبحث عن ضمانه هنا لغو فلا بد حينئذ من بيان الفارق، فنقول: غاية ما يمكن أن يقال في تقريب المساواة وعدم الضمان بالتسليم أن مقتضى إطلاق الإجارة الأولى من حيث الاستيفاء كما هو مفروض المقام اطلاقها من حيث الاستيلاء المتوقف عليه الاستيفاء، وإليه يرجع ما قيل من أن الإذن في الشئ إذن في لازمه.
والجواب عنه (أولا) أن الاستيفاء يتوقف على تمكين المؤجر للمستأجر من الانتفاع بالعين لا على الاستيلاء الذي يترتب عليه الضمان لولا إذن المالك (وثانيا) أن جواز التسليم بل وجوبه المساوق للاستيلاء لا ينافي الضمان، فإن المنافي للضمان هو الائتمان، ووجوب التسليم غير وجوب التأمين، فيجب عليه التسليم بماله من الحكم.