المسألة السادسة: في الشرايع: إذا أفسد الصانع ضمن ولو كان حاذقا كالقصار يخرق. الخ (1) والكلام تارة فيما تقتضيه القاعدة، وأخرى في ما تقتضيه أخبار الباب.
أما الأول: فتوضيح المرام برسم أمور في المقام: (منها) أن قيام المبدأ بشئ يصحح إسناده إليه إذا لم يؤخذ في نفس المبدأ عنوان قصدي كالتعظيم، فالإرادة والاختيار غير مقومة للاسناد إلا إذا فهم اعتباره من الخارج، كما في متعلقات التكاليف، فإن البعث لجعل الداعي إلى الفعل، فلا بد من توسط الإرادة تحقيقا للدعوة، وكما في المعاملات من العقود والايقاعات فإنها تسبيبية قصدية، بل ربما يعبر فيها زيادة على الاختيارية والقصد المقوم لها صدورها عن طيب النفس والرضا الطبعي. وأما مقولة الأسباب كالاتلاف المضمن واليد المضمنة، فليس فيهما خصوصية التكليف، ولا خصوصية العقود والايقاعات حتى يعتبر فيها الاختيارية والعمد والقصد فيكفي في ذلك مجرد الاستناد الكافي فيه قيام المبدأ.
و (منها) أن الاتلاف تارة مباشري وأخرى توليدي أو تسبيبي، والغالب حصول الأخيرين بايجاد شرط أو معد يترتب عليهما التلف ما لم يتوسط بين الشرط والمشروط والمعد والمعد له إرادة فاعل مختار. فالالقاء في النار المتولد منه الاحراق ليس إلا إيجاد الشرط وهي الملاقاة للنار، ولا منافاة بين عدم استناد المشروط إلى شرطه واستناده إلى موجد شرطه، فإن الشرط لا فعل له حتى يتولد منه المشروط بخلاف موجد الشرط، فإن إيجاده له فعل له فيصح تولد فعل منه، فالاحراق فاعله الطبيعي هو النار وفاعله غير الطبيعي هو الملقي، وهو فعل النار بالذات وفعل الملقي بالعرض. وتقديم الطعام المسموم إلى الغافل إيجاد مقدمة إعدادية، فينسب القتل إلى السم بالذات وإلى موجد المعد بالعرض، وهكذا في سائر الأمثلة، وعليه فالحمال إذا عثر فانكسر ما حمله متلف، لأنه بعثرته عن غير اختيار كسر المحمول بغير اختيار،