فائدة عائدة إلى الغير فهو كبعض المباحات التي لا تعود فائدتها إلى الغير، فإنه ليس باقتضاء من الايجاب أو الإباحة، فتدبر جيدا.
وينبغي التنبيه على أمور: (الأول) ربما يقال كما عن بعض أجلة العصر " رحمه الله " (1) بناء على منافاة الوجوب لأخذ الأجرة بالفرق بن ما إذا أخذ العمل بنحو المعنى المصدري فوجوبه لا يمنع عن أخذ الأجرة وبمعنى اسم المصدر فوجوبه يمنع عنه، ونظرا إلى أن المال الذي تبذل بإزائه الأجرة هو المعنى الاسمي دون المصدري، وفسر هذا الفرق فيها حكي عنه بوجهين:
(أحدهما) الفرق بين العمل ونتيجة العمل كالخياطة والهيئة القائمة بالثوب، فما هو المال هي النتيجة فلا يمنع من أخذ الأجرة عليها وجوب العمل، فالاستيجار ليس على ما هو الواجب بل على ما هو غير واجب.
ويندفع بأن هيئة المخيطية القائمة بالثوب ممولة للعمل لا أنها مال، وإيجاد الهيئة ليس بمال، كما أن المنافع وإن كانت أموالا إلا أنها ممولة للأعيان أيضا، مضافا إلى أن الأجرة بإزاء المنفعة القائمة بالمشخص أو الدار أو الدابة والعمل القائم بالأجير، وأما الأوصاف والأعيان فلا يكون عوضها أجرة.
و (ثانيهما) الفرق بين العمل من حيث الاصدار وهو من حيث الصدور، ومثل لهما بالطبابة من حيث بذل نفسه لها ومن حيث الإعلام بالدواء فالواجب على الطبيب بذل نفسه وعدم بخله عن الاعلام بالدواء، وأما ما هو مال ويأخذ بإزائه الأجرة فهو نفس الاعلام بالدواء وهو غير واجب عليه.
ويندفع مضافا إلى عدم مناسبته للمصدر واسم المصدر وعدم مناسبته للفعل من حيث الاصدار ومن حيث الصدور بأن بذل نفسه وعدم بخله عملا عين الاعلام بالدواء بعد عدم وجوب أمر خلقي وهو عدم البخل حقيقة أو الجود حقيقة ومع العينية فالبذل عملا هو الواجب وهو المستأجر عليه.