مدرك اعتبار القدرة إن كان وجوب الوفاء بالعقد بتخيل أن التسليم وفاء به فلا محالة إذا حرم العمل حرم التسليم فكيف يجب الوفاء بالعقد، فالأمر كما قيل، وإن كان مدرك اعتبارها دليل نفي الغرر فالمدار على الغرر، وحرمة العمل أجنبية عن الغرر والخطر من حيث حصوله من العامل الأجير.
المقام الثاني في ما تقتضيه نصوص الباب عموما وخصوصا في المنفعة المحرمة والعمل المحرم. فنقول:
أما العمل المحرم فيكفي في عدم جواز الإجارة له ما في رواية تحف العقول المتلقاة بالقبول وفيها " كل أمر نهي عنه من جهة من الجهات فمحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه.. الخ " (1) فما عن مفتاح الكرامة من قوله " رحمه الله ": ولا أجد ذلك في أخبارنا.. الخ (2). لعله لعدم الاعتماد عليها لبعد عدم الظفر بها مع سعة باعه " قدس سره " في التتبع في الأخبار وفي كلمات علمائنا الأخيار، بل يمكن استفادة الملاك من قوله صلى الله عليه وآله: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه " (3). وإن كان الظاهر من الشئ هو العين دون العمل، كما أن الظاهر من الثمن عوض المبيع لا أجر العمل.
وأما المنفعة المحرمة ففيها روايتان: إحداهما حسنة ابن أذينة " قال: كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يواجر سفينته أو دابته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر والخنازير؟ فقال: (لا بأس) (4) (ثانيهما) ما عن صابر أو جابر " عن الرجل يواجر بيته فيباع فيه الخمر؟ قال: (حرام أجرته) " (5). والمشهور حمل الأولى كما هو ظاهرها على الإجارة للحمل ممن يفعل ذلك لا الإجارة لحمل الخمر والخنزير، وحمل الثانية على الحمل لهذه الغاية وإن كان بعيدا عن التفريع بالفاء، كما ذكروا في بيع العنب ممن يعمل خمرا ولأن يعمل خمرا من صحة الأول وبطلان الثاني، للجمع بين