ثالثها: وجوب إرضاع اللبأ على الأم المرضعة مع جواز أخذ الأجرة، وأجاب عنه بأنه من يحث نفس اللبأ يشبه بذل المال للمضطر، فالعوض لللبأ لا للارضاع الواجب، ومن وجه يشبه عمل الوصي فيكون من ايجاب العمل بعوض شرعا.
قلت: قد عرفت ما في الوجهين من الاشكال.
(الخامس) ذكر جملة ممن جوز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي اختصاصه بما إذا لم يعلم من الدليل ثبوت حق للغير فيه، كما يدعى في تجهيز الميت وإنه للميت حق التجهيز على الأحياء، وكما في تعليم الجاهل، فإنه ربما يدعى أنه للجاهل حق التعليم على العالم.
فإن أريد بعد فرض استفادة الحق أن اعتبار الاستحقاق يمنع عن إيقاع العقد المعاوضي عليه فهو كما أفيد، إلا أنه ليس من حيث أخذ العوض على ما يستحق منه الغير، بل بعد فرض الاستحقاق شرعا لا يعقل إيقاع أي عقد كان معاوضيا أو غير معاوضي، لأن جعل المستحق للعمل مستحقا له غير معقول، لأن إما من قبيل تحصيل الحاصل أو من قبيل اجتماع المماثل مع المماثل وكلاهما محال وإن أريد أن مجرد الحق يمنع عن كونه بعوض كما ادعيناه في إيجاب العمل بعوض فهو غير سديد، لأن تمليك العمل مالكيا أو شرعيا كما يكون مجانا كذلك يكون بعوض بخلاف ايجاب العمل بعوض، فإنه غير مشروط ببذل العوض، والايجاب إذا كان مطلقا غير منوط ببذل العوض فلا محالة يكون المكلف مقهورا في إيجاده بعوض من دون إذنه ورضاه، وملاك سقوط العمل عن الاحترام عند من يقول به كالشيخ الأعظم " قدس سره " في مكاسبه ومن وافقه عليه ليس إلا مقهوريته المسقطة لإذنه ورضاه، والايجاب المطلق لا يجامع التقييد بالعوض، ولذا قلنا باستحالة التقييد والاطلاق معا.
وأما الايجاب المنبعث عن استحقاق العمل بعوض فهو من باب وجوب أداء