تزاحمها بقاء.
(لأنا نقول) لا تزول القدرة بقاء إلا مع فرض إجارة صحيحة يجب الوفاء بها، والمفروض توقف الصحة ووجوب الوفاء على وجود القدرة فيكف تزول القدرة بقاء بما يتوقف على ثبوت القدرة التي لا ثبوت لها إلا مع فرض زوال القدرة بقاء.
والجواب: إن القدرة المعتبرة في صحة الإجارة هي القدرة على ذات العمل المعقود عليه، والمفروض أنه غير مؤقت وأنه موسع، ودون القدرة على امتثال الأمر الفوري بالوفاء، فإن الدليل على اعتبارها هو دليل نفي الغرر، وإذا كان قادرا على نفس ما عقد عليه المعتبر رفع الغرر عنه كانت المعاملة صحيحة وإن لم يقدر على امتثال الأمر بالوفاء فورا.
(لا يقال) إذا كان مقتضى الأمر بالوفاء هو الوفاء فورا ففورا ففي جميع أجزاء الوقت الذي عقد على الموسع بلحاظه لا يتمكن من العمل بمقتضى الإجارة الثانية فلا قدرة على ذات العمل الموسع في تمام الوقت لا في خصوص أوله.
(لأنا نقول) إن الملاك في اعتبار القدرة رفع الغرر عن المعقود عليه، فما هو الشرط في الحقيقة احراز إمكان وصول المعقود عليه إلى مالكه، وهذا المعنى لا يزول بالأمر بالوفاء ولو كان فورا ففورا، فإن الأمر الفوري لا يقتضي إلا صرف القدرة في إيجاد متعلقه لا أنه يسلب القدرة حقيقة، فهو قاطع بالتمكن من ايصال العمل إلى المستأجر وإن ترك واجبا فلا غرر. ومن جميع ما ذكرنا تبين فساد مبنى دعوى التعجيل وفساد الوجوه المبنية عليه في بطلان الإجارة الثانية.
وينبغي التنبيه على أمور: (الأول) في حكم الإجارة الثانية إذا تضيقت مدة الإجارة الأولى. (وتفصيل القول فيه) أن متعلق الإجارتين إما كلي العمل في الذمة وإما الكلي في المعين خارجا فالصور أربع،، ومبنى الصحة والفساد على الفرق بين الكلي الذمي والخارجي في التعين القهري وعدمه، والوجه فيه أن المملوك في الثاني هو الكلي الموجود بوجود أفراده في الخارج مع قطع النظر عن تعيناته الخارجية إلا تعين الإضافة بالمجموع، فالمملوك في الصبرة المشتملة على عشرة أصواع من الحنطة