الأرض أو الدار، فقد أصلحناه بأن السكنى وإن كان عرضا للساكن ولا يملكه بما هو مالك الدار، لكن إيجاده في الدار ليس تحت اختياره وليس زمام أمره بيده بل بيد صاحب الدار، فبالإجارة يملك إيجاد السكنى فيها، فكذا هنا، فإن فعل الصلاة بما هي وإن لم يكن مملوكا لمالك الدار لكن أمر إيجادها في داره بيده، فالمستأجر يملك هذا المعنى، ولا فرق في هذا المعنى بين أن يستأجرها لأن يصلي فيها أو أن يصلي فيها الناس، فأمر فعل صلاة الناس بيدهم إلا أن ايجادها في الدار بيد المستأجر فعلا كالمؤجر قبلا.
وأما الاشكال من حيث السفهية لعدم عود نفع إليه، لأن المنتفع بها هو المصلي لا المستأجر فبذل المال بإزاء ما يعدو نفعه إلى الغير سفه فمندفع بأن الاستيجار لخياطة ثوب زيد أو لبناء داره أو لكنس المسجد كذلك، ويكفي في الخروج عن السفاهة عود نفع أخروي من هذا الاستيجار إليه وإن لم ينتفع بنفس العين المستأجرة.
بقي الكلام في أن هذه الأرض التي جعلت مسجدا هل تترتب عليها آثار المسجدية؟ أو هي نظير المصلى الذي يؤخذ في الدار بل عبر عنها بالمسجد في لسان الأخبار؟ ومنشأ التردد كون المسجد الحقيقي لا بد من أن يكون وقفا، والعين مملوكة للغير والمنفعة لا توقف، مع لزوم التأييد في الوقف، والمنفعة الأبدية لا تملك بالإجارة، وكلا الأمرين مفقود في وقف الأراضي المفتوحة عنوة فإنه ملك المسلمين، وتبعية الأرض للآثار وزوالها بزوال الآثار، وإن حكي عن المقدس الأردبيلي " رحمه الله " صحة جعل الأرض المستأجرة مسجدا حقيقيا (1)، لعدم الملازمة عنده بين المسجدية والوقفية. وتمام الكلام في محله.
المبحث الحادي عشر: يجوز استيجار الدينار والدرهم على المشهور، وخالف فيه صريحا ابن إدريس، وتردد فيه جماعة آخرون. وعمدة الاشكال فيه وفي أمثاله