المتمانعين حتى يتوهم أن مانعية الإجارة عن اقتضاء تمليك العين على حد مانعية تمليك العين عن اقتضاء الإجارة، بل لا استتباع رأسا مع سلب المنفعة إما حقيقة أو استيفاء اعتباريا، فكما أن الإجارة السابقة لا تبقي مجالا لأصل الاستتباع كذلك الإجارة المقارنة، كما أن عدم المنفعة حقيقة ليس مانعا عن اقتضاء ملك العين بل لا اقتضاء له لملك المعدوم كذلك عدمها وسلبها الاعتباري، ومن جميع ما ذكرنا يظهر حال ما إذا كان المشتري شخص المستأجر، فإن تملك المنفعة بالإجارة يختلف حكمه مع تملكها بالبيع فله فسخ البيع دون الإجارة وبالعكس ومما يؤكد ما ذكرنا أن من يستشكل في البيع و الإجارة المتقارنين زمانا بتوهم التزاحم، لا أظنه يستشكل في البيع المشروط بملك المنفعة لزيد في مدة خاصة أو المشروط ببقائها على ملك البايع، إذ ليس مخالفا للكتاب ولا منافيا لمقتضى العقد، لأن اللازم مفارق لا غير مفارق، مع أن نقل المنفعة وسلبها عن العين بالإجارة كنقلها وسلبها بالشرط، وعدم الاستتباع مع تصرف الوكيل كعدمه مع تصرف المالك. نعم من يرى صحة الإجارة لتقدمها رتبة على ملك المنفعة التابع لملك العين ينبغي أن يقول في النقل على وجه الاشتراط بالتزاحم، لأن النقل بالشرط تابع للبيع وقيد فيه وهو متأخر طبعا عن البيع كتأخر ملك المنفعة بالبيع فهما لازمان في عرض واحد فتدبر جيدا.
المسألة الثالثة: في بطلان الإجارة بموت المؤجر والمستأجر، وفيه أقوال: قول بالبطلان مطلقا، وقول بعدمه مطلقا، وقول بالبطلان بموت المستأجر فقط. وقبل العرض للاستدلال ينبغي أن يعلم أن مقتضى كون هذه المسألة وسابقتها متفرعة على لزوم الإجارة أن البحث في انفساخ الإجارة الصحيحة وعدمه، وهو أيضا مقتضى الاستدلال بعمومات لزوم الإجارة، وعليه فينبغي التعبير في عنوان البحث بالانفساخ وعدمه دون البطلان وعدمه، كما أن المقتضى الوجوه العقلية هنا وفي المسألة السابقة لعدم ملك المنفعة مقارنا للبيع وللموت هو عدم تأثير العقد دون تأثيره وانفساخه بالبيع أو الموت.