من كون لزوم التسليم من لوازم العقد، إما كونه من مقتضياته عند الاطلاق، وإما كونه من لوازم المعقود عليه وهو الملك، وإما كونه من أحكام العقد لكون التسليم مصداقا للوفاء الذي وجوبه من أحكام العقد، وحيث إن حكم الشئ باقتضاء موضوعه عبر عنه باللازم، والكل مخدوش.
أما الأول: وهو اقتضاء العقد لوجوب التسليم أو استحقاقه ففيه: أن مدلول العقد في البيع تمليك العين وفي الإجارة تمليك المنفعة، لا التمليك واعتبار وضعي أو تكليفي آخر، ولا معنى لتقييد الملكية أو المملوك بما يتمكن من تسليمه، لأن مرجع الأول إلى تعليق البيع والإجارة وهو مبطل لهما، مرجع الثاني إلى كون المبيع أو المنفعة حصة خاصة، هو يتصور في الكلي دون الشخصي كبيع هذه الدابة أو ركوب هذه الدابة ومقتضى البيع والإجارة من حيث الاشتراط بالقدرة لا يتفاوت بتفاوت الموارد من حيث الكلية والجزئية.
وأما الثاني: وهو كونه من لوازم الملك فهو صحيح بمقتضى سلطنة الناس على أموالهم، فلهم المطالبة وليس لمن بيده المال الامتناع عن تسليمه، إلا أن حرمة الامتناع فرع التمكن من التسليم لا أنها مطلقة حتى يكشف عن أن القدرة مفروضة الحصول، فاللازم ليس من اللوازم غير المفارقة حتى يستحيل انفكاكه وحتى يكون كاشفا عن ملازمة حصول الملك للقدرة على التسليم.
وأما الثالث: وهو اقتضاء وجوب الوفاء بالعقد لوجوب التسليم، وما لا يقدر على الوفاء به لا يعقل حصوله فهو مدفوع (أولا) بأنه مبني على كون الأمر بالوفاء تكليفيا لا إرشادا إلى اللزوم الوضعي، وعلى فرض كونه تكليفيا لم يكن مقتضاه القيام بعهده بعدم حله، بل تكليفا بالوفاء عملا كما أشرنا إليه في محله وفي بعض المباحث المتقدمة. و (ثانيا) بأنه لو كان دليل الوفاء دليلا على صحة العقد بحيث تنتزع صحته عن لزوم الوفاء به كان عدم لزوم الوفاء عملا بعدم القدرة كاشفا عن عدم الصحة، وأما إذا كان الأمر بالوفاء من أحكام العقد الصحيح فاشتراطه بالقدرة وتخلفه عنه عند عدمها لا يكشف عن عدم صحة العقد.