الأولى فلا بد من التوفيق بينهما حتى يمكن تحكيمها على القاعدة.
وما ذكر في الجمع بينهما وجهان: (أحدهما) أن الحسنة الحاكمة بضمان المولى مطلقة، فيجب تقييد ضمان المولى بجعله في كسبه لا في مطلق ماله، وهو وجيه لولا قوله عليه السلام " أو أبق " عطفا على ضيع. فإن ضمان المولى عند إباقه ليس إلا للأجرة. وهذا الضمان ضمان المعاوضة المقتضي لانفساخ المعاملة. وضمان التضييع والافساد ضمان الغرامة. فلا بد من إرادة الجامع بينهما وهي الخسارة سواء كان الذاهب منه عين المال كالأجرة المسماة أم بذل مال الغير كضمان التالف.
ومن الواضح أن هذا المطلق الجامع لا يعقل تقييده بكسب العبد. بداهة أن تقييد المطلق يوجب تقييد جميع أفراده. مع أنه لا معنى لأن يكون رجوع الأجرة المسماة في كسبه.
(ثانيهما) إن الكسب أحد أفراد مال المولى. فهو من باب المثال فيوافق ضمان المولى مطلقا. وهو فاسد لصراحة الصحيحة في أنه مع عجز العبد عن الكسب لا يضمن مولاه شيئا. فكيف يعقل أن يكون الكسب والسعي من باب المثال وإنه من باب كونه أحد أفراد أموال المولى، خصوصا مع التأكيد صدرا وذيلا على أنه ليس على مولاه شئ، والمظنون قويا اختلاف موردهما وعدم ارتباط الثانية بمقامنا، فإن ظاهر استهلاك مال كثير من المستأجر صدور اتلافات كثيرة منه لا الخطأ في صنعة استأجر عليها بخلاف الأولى، فإن ظاهرها تضييع شئ قد استؤجر عليه في عمل الصياغة ونحوها، فلا اتحاد بينهما في المورد. والحكم في الثانية وإن كان أيضا على خلاف القاعدة إلا أنه لا بد من العمل بها لصحتها وعدم المعارض لها. والله العالم المسألة العاشرة: قال " رحمه الله " في الشرايع: صاحب الحمام لا يضمن إلا ما أودع وفرط في حفظه أو تعدى (1) انتهى.