نفسه للعمل لا تدل على كونه مملوكا له بل هي كصحة بيعه كليا في ذمته، فإن البايع لا يملك الكلي بل من حيث سلطانه على نفسه له إجارة نفسه لعمل والتعهد بمال في ذمته بعوض، فصحة تمليك العمل وتمليك كلي الحنطة مثلا لمكان تلك السلطنة لا لملك العمل والحنطة قبلا وهو واضح جدا.
(الرابع) إن قاعدة الاحترام وإن شملت المنافع والأعمال المستوفاة إلا أنها لا تكاد تعم المنافع الفائتة ولا الأعمال القائمة بالعامل من دون تسبيب من المستأجر، لوضوح أن مجرد وصول نفع من الغير لا يوجب الضمان وإلا لوجب القول به مع عدم العقد الفاسد أيضا، والعقد الفاسد ليس تسبيبا إلى ايجاد العمل ليجب حفظ حرمته بأداء بدله بل تسبيب إلى الملكية والمفروض عدم حصولها، وحرمة العمل لا تقتضي تضمين من لا مساس له به لا عقدا، ولا تسبيبا خارجيا، نعم إذا قلنا بأن مجرد الإذن خارجا في العمل ببدله يكون موجبا للضمان مع عدم قصد الإجارة من حيث جعل الملزوم بجعل لازمه ومع عدم قصد الجعالة كما هو المفروض أمكن أن يقال إنه لا فرق في الاستناد الموجب لحفظ حرمة العمل بين الإذن بالمطابقة والإذن بالالتزام، ولازم العقد على الاستيجار للعمل الإذن فيه خارجا وتبقى المنافع الفائتة على حالها من دون موجب لحفظ حرمتها على المستأجر.
ثالثها: في قاعدة الاتلاف، وشمولها للمنافع المستوفاة والأعمال المستوفاة واضح، فإن اتلاف المنافع التدريجية الوجود باستيفائها تدريجا، وليست كالأعيان بحيث يكون لها اتلاف محض، وكذا إذا قلنا كلية بشمول الاتلاف للتفويت وهو المنع من الوجود وابقاء العدم على حاله فهو اعدام من هذه الجهة، فإنه عليه تعم المنافع التي فوتها دون المنافع الفائتة والأعمال غير المستوفاة، فإنه لا تكاد تعمهما قاعدة الاتلاف ولو بناء على تعميمها للتفويت، والاستناد الموجب لحفظ حرمة المال كما مر لا يجدي في صدق الاتلاف التسبيبي، ولذا لا يقول أحد بصدق الاتلاف بمجرد الأمر والإذن كما هو واضح، وبالجملة فقاعدة الاتلاف أخص من المدعى.