وأما الثاني: وهو ما يستفاد من أخبار الباب (1)، وهي ما ورد في القصار والصباغ والنجار وما أوردوه في باب الديات في الطبيب والبيطار والختان من تضمين الجماعة المذكورين فيما جنته أيديهم (2)، وفي جملة منها اعطاء الضابط بقولهم عليهم السلام: " كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن " (3) وهو موافق لما قدمناه من اقتضاء قاعدة الاتلاف، وذلك لأن قصارة الثوب بفركه ودلكه المعتاد اصلاح للثوب وبفركه ودلكه الشديد ولو خطأ افساد له حيث إنه يخرقه، وأما الثوب العتيق الذي لا يحتمل الفرك والدلك العادي فهو متمحض في الافساد وليس مجمعا للاصلاح والافساد، فهو خارج عن مدلول هذه الكلية.
وقد عرفت أن مقتضى القاعدة عدم الضمان، لأنه اتلاف مأذون فيه، وليس لهذه الأخبار الواردة في جناية الصانع في صنعته معارض، نعم الأخبار فيما يتلف تحت أيديهم من الأعيان التي هي موارد للأعمال المستأجر عليها مختلفة، وهي مسألة أخرى سيجئ البحث عنها إن شاء الله تعالى.
المسألة السابعة: قال " رحمه الله " في الشرايع: أما لو تلف في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط ولا تعد لم يضمن.. الخ (4). والكلام فيه تارة في مقتضى القاعدة وأخرى في مقتضيات أخبار المسألة:
أما الأول: فقد مر أن العين التي هي مورد عمل الأجير أمانة بالمعنى الأعم أي سلطه مالكها عليها برضاه، بل هو أولى بذلك من العين المستأجرة، حيث إن التسليط على العين المستأجرة مما لا بد منه مقدمة لاستيفاء المنفعة، ومع اللابدية لا يمكن استكشاف الرضا بعد العقد، ولذا التجأنا إلى دعوى أن اقدامه على الإجارة