وثبتت أجرة المثل، ولتوضيح الفرق بين الصورتين لا بد من رسم أمور.
(منها) في تحقيق أصل الإجارة على عمل معين في وقت معين، فنقول: أخذ الزمان المعين تارة بنحو الاشتراط بمعنى الالتزام في ضمن الإجارة مع كون المستأجر عليه مجرد حمل المتاع إلى المكان المعين وأخرى بنحو تقييد العمل المستأجر عليه فيكون العمل الخاص من حيث المكان والزمان مملوكا بإزاء الأجرة المعينة في عقد الإجارة فإن كان الإجارة على نفس العمل وكان الايصال في الزمان المعين شرطا فسواء تعذر عليه الشرط أم تخلف عن الشرط لم يكن للمستأجر إلا الخيار، فإن أمضاه ولم يفسخ كان عليه تمام الأجرة بمقتضى مقابلتها لنفس العمل وبقاء الإجارة على حالها، وإن فسخ العقد رجعت الأجرة بتمامها إلى المستأجر ورجع العمل الخاص المأتي به الذي هو بمنزلة تلف أحد العوضين بماليته إلى الأجير كما هو قضية الفسخ ورجوع كل من العوضين إما بنفسه أو بماليته إلى صاحبه الأول.
وإن كانت الإجارة على العمل الخاص زمانا ومكانا فله أقسام ثلاثة:
(أحدها) ما إذا كان العمل في ذلك اليوم متعذرا عليه ذاتا وامتناع صدوره منه عادة (ثانيها) ما إذا تعذر عليه عرضا مع إمكان صدوره منه لكونه موسعا من حيث مبدأه (ثالثها) ما إذا سامح وقصر حتى فات وقت إيصاله.
أم الأول فالإجارة فيه باطلة إذ ليس له هذا العمل الخاص فلا يعقل تمليكه وتملكه، وسيأتي حكم ما أتى به من العمل في غير ذلك الوقت.
وأما الثاني فالإجارة فيه صحيحة وتعذر إيجاد العمل الخاص لعارض لا يوجب بطلان الإجارة ولا انفساخها من حين عروض العارض بل للمستأجر خيار تعذر التسليم، ولا يكون من التلف قبل القبض إذ الكلي لا تلف له بل حاله حال الكلي المتعذر في باب السلف من حيث اقتضاء الخيار، وعليه فللمستأجر إبقاء الإجارة وقبول العمل المأتي به وفاء عماله على الأجير باسقاط الخصوصية كالوفاء بغير الجنس في الموارد الأخر وله الفسخ، فإذا فسخ رجعت الأجرة إلى المستأجر ولا ترجع ماليه العمل الخاص إلى الأجير فإنه لم يوصل العمل الخاص إلى المستأجر حتى يرجع