" رحمه الله " لما تقدم منه في كتاب البيع من أن مثل هذا التعذر الموجب لامتناع التسلم لا يوجب الخيار بل يترتب عليه الضمان، وهو وجيه كما قدمناه إلا أن تعبيره بقوله كما في التبعيض في البيع يوهم إرادة خيار التبعض مع أن مورد كلامه أيضا خيار التبعض.
(فإن قلت): كما لا مجال لخيار التعذر المساوق للامتناع، لعدم امكان تدارك هذا الضرر من حيث نقض الغرض المعاملي كذلك لا مجال لخيار التبعض، لأن الغرض المعاملي وهو الانتفاع بالمجموع لا يتدارك بالخيار حيث لا يصل إلى هذا الغرض بالفسخ.
(قلت): الضرر المتدارك هنا بالخيار هو قصر الانتفاع على البعض وهو مناف لغرضه، وبالفسخ يتخلص عن هذا المنافي نظير ضرر امساك المعيب، فالخيار لدفع هذا الضرر لا للوصول إلى الصحيح.
(السادس) بعد ما عرفت من أن المستأجر الأول تارة له مطالبة المسمى في الإجارة الثانية وأخرى له مطالبة أجرة المثل فيقع البحث في أن المطالب بالأجرة هل هو خصوص الأجير أو خصوص المستأجر الثاني أو يتخير بين مطالبة من شاء منهما؟ فالكلام حينئذ في موردين:
أحدهما: في مورد مطالبة المسمى وهو ما إذا أجاز العقد الثاني، فنقول: إذا أجاز العقد الثاني وفرض قبض الأجير للأجرة فأما أن يجيز القبض أيضا. وأما أن لا يجيز، والأجرة تارة شخصية وأخرى كلية. فإن كانت الأجرة شخصية مقبوضة للأجير وفرض إجازة القبض. كان المطالب بها خصوص الأجير، لأن المال بيده دون المستأجر، حيث لا مال عنده ولا عهدته عليه، لأن المفروض إجازة القبض الموجب لخروجه عن ضمان المعاوضة، وإذا فرض عدم إجازة القبض فله مطالبة كل منهما، أما الأجير فلأن المال بيده و " الناس مسلطون على أموالهم " (1)، وأما المستأجر