وجود المقبول وجود القابل. فمنفعة الدار ليست ما هو فعل الساكن فإنه من أعراضه لا من شؤون الدار بل المضايف لفعل الساكن الذي يصير فعليا بفعلية ما هو قائم بالساكن، فحيثية كونها مسكنا في قبال ما ليس له هذه الحيثية هي منفعتها وباستيفاء الساكن تخرج من القوة إلى العفل، وكذا حيثية كون الدابة مركبا وبركوب الراكب تصير فعلية هي منفعة الدابة لا فعل الراكب، وعليه ففي بعض هذه الموارد يتصور مثل هذه الحيثية لتصير مملوكة ويكون ملكها مستلزما لملك العين، كالبئر، فإن منفعتها كونها مستقى وبالاستقاء تصير هذه الحيثية فعلية وتستلزم خروج عين هي مملوكة بملك تلك الحيثية التي للمستأجر إخراجها من القوة إلى الفعل، وكالشاة، فإنها محلب ولها هذه الحيثية في قبال غير الحلوب وبمضايفها وهو حلب الحالب تصير فعلية ويتبعها خروج اللبن، بخلاف الشجرة بالنسبة إلى ثمرتها ولو كانت غير موجودة، فإن الشجرة وإن كانت قابلة للاثمار إلا أن هذه القابلية غير استيفائية حتى تكون من النافع التي يمكن استيفاؤها، بل هذا الموجود بالقوة يصير فعليا لا بالاستيفاء، وليس بعده إلا أخذ الثمرة من الشجرة، فليس هناك منفعة استيفائية قابلة للملكية حتى يستتبع استيفاؤها عينا مملوكة بالاستلزام، وهكذا إجارة الشجرة لفروعها وأوراقها، وإجارة المملحة لملحها، فإن كل ذلك ليس له منفعة استيفائية بل ليس فيه إلا تناول العين منه ابتداء، وإلا فبعد فرض منفعة استيفائية لا يضر تعقبها بوجود العين، فإنها قابلة للملكية بالاستلزام لا بعقد الإجارة.
وينبغي التنبيه على أمور: (الأول) أن المرضعة إذا كانت مزوجة وكان الارضاع بإذن زوجها فلا اشكال، وإن لم يكن بإذنه ففيه قولان معروفان:
(أحدهما) بطلان الإجارة مطلقا.
(ثانيهما) صحتها إذا لم يكن الارضاع منافيا لحق الاستمتاع، واحتمل الصحة بعض الأواخر ولو مع منع الزوج.
وتوضيح القول في ذلك: أن المانع من الايجار عندهم بعد بطلان القول بأن