الانفساخ باعتبار التلف من البائع قهرا بالسرقة، لا باعتبار الاتلاف من الأجنبي اختيارا إذا لا اتلاف من الأجنبي بمجرد السرقة بالاختيار ليقال بأنه لا فرق بين التلف والاتلاف ولا بين البائع والأجنبي.
وأما الثاني: فلعموم قاعدة الاتلاف لما إذا كان مبيعا وقبل قبضه مع انصراف اطلاق التلف في قوله عليه السلام: " كل مبيع تلف.. الخ " (1). وعدم الدليل على عموم التلف للاختياري المساوق للاتلاف كما عرفت، بل مع الشك يحكم ببقاء العقد وعدم الانفساخ فالاتلاف وارد على مال الغير تعبدا، لئلا يقال إنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لاحتمال الانفساخ.
وأما الثالث: فله تقريبان: (أحدهما) أن مطلق التلف سبب لضمان المعاوضة، ومطلق الاتلاف سبب لضمان الغرامة، ولا يمكن إعمال السببين لتضاد الأثرين، ولا موجب لاهمالهما. ولا معين لأحدهما فيتخير بينهما. فله إعمال سبب ضمان المعاوضة ومطالبة المسمى. وله إعمال سبب ضمان الغرامة ومطالبة القيمة وأجرة المثل. وقد بينا في بعض المباحث المتقدمة أنه ليس المورد مورد التزاحم، لأن شمول قاعدة التلف قبل القبض مزيل لموضوع قاعدة الاتلاف.
والقاعدة لا تتكفل حفظ موضوعها، بخلاف قاعدة التلف، فإن موضوعها محفوظ لا يزول بشمول قاعدة الاتلاف، فإن موضوعها المبيع، بل يزول حكمها. فمانعية قاعدة الاتلاف عن شمول قاعدة التلف دورية. فراجع ما علقناه على كتاب الخيارات لشيخنا العلامة الأنصاري " قدس سره " (2).
(ثانيهما) وجود سبب الخيار وهو تعذر التسليم، ووجود سبب ضمان الغرامة وهو الاتلاف، فله إعمال الخيار واسترجاع الثمن أو الأجرة المسماة، وله ابقاء العقد ومطالبة بدل ما أتلفه. وليس كونه ذا خيار رافعا لموضوع قاعدة الاتلاف، لأن الخيار فرع بقاء العقد وبقاء كل من العوضين ولو بماليته على ملك صاحبه الفعلي،