والمداد في الكتابة فإذا كانت مستقرة عليه ولو في عصر ومصر فهي متبعة وبمنزلة الالتزام الضمني في المعاملة لا باقتضاء الإجارة ولا باقتضاء وجوب مقدمة العمل الواجب.
وأما المقام الثاني: فنقول: قد مر مرارا أن تسليم المنفعة بتسليم العين وإدامتها تحت يد المستأجر على نحو يمكن استيفاء المنفعة المقصودة منها، فكما يجب تسليم الدار فارغة حتى يتمكن من الانتفاع بها كذلك يجب تسليم ما هو اللازم للانتفاع بسكانها من بيت الخلاء والبالوعة فارغتين ليمكن استيفاء المنفعة منهما، وكما أنه من لوازم سكنى الدار أن يكون لها باب، فلا بد من وضع الباب لو لم يكن لها باب أو تجديده إن فرض تلفه، كذلك بحسب العادة يحتاج الباب إلى المفتاح، فلا بد من تسليمه ابتداء وتجديده إن فرض ضياعه وتلفه، حيث عرفت سابقا أنه لا فرق بين الحدوث والبقاء في تمكين المستأجر من استيفاء المنفعة.
وأما حديث لزوم المحمل والكجاوة على المكاري أو على المستأجر فهو تابع لكيفية الإجارة، فإن استأجر بغلا مثلا لحمل المحمل والكجاوة عليه فهما على المستأجر، وإن تملك منفعة ركوب المحمل والكجاوة فهما على المكاري.
وأما تنقية بيت الخلاء والبالوعة بعد انتهاء مدة الإجارة فليست على المستأجر، لأن امتلائهما من لوازم استيفاء المنفعة، كتلف بعض أجزاء الدار من كثرة الاستعمال العادي، فإنه من لوازم الاستيفاء الذي يستحقه المستأجر. وأما الرماد الحاصل من الطبخ فهو ليس من لوازم الانتفاع بالمطبخ، فإن لازمه وإن كان تسويد المطبخ فلا يجب تبييضه، إلا أنه ليس لازم الانتفاع بالمطبخ جمع الرماد فيه، كما هو لازم الانتفاع بالبلوعة وبيت الخلاء، فالأظهر أن أمثال الرماد والكناسات كلها على المستأجر. والله أعلم بأحكامه.
السابعة عشرة: في التنازع وفيه فروع: (الأول) إذا اختلفا في أصل وقوع الإجارة، فإن كان قبل استيفاء المنفعة فلا شبهة في أن القول قول المنكر سواء كان هو المالك أم طرفه، وإن كان بعد الاستيفاء المقتضي لأجرة المثل لولا الإجارة فطبع