وأما الابتناء فلأن الواجب على الفرض هو الفعل المقارن للترك من الآخر، وهو على الفرض مملوك لله تعالى ومسلوب الاحترام والقدرة، لأن الفعل بما هو وإن جاز تركه إلا أن الواجب على الفرض أمر خاص وهو الفعل المقارن للترك من الآخر، ومثله مما لا يجوز تركه، فهو بملاحظة المقهورية مسلوب الاحترام والقدرة على الترك، فإذا قام أحدهما بالفعل وكان مقارنا لترك الآخر كان فعله مصداقا للواجب المملوك المسلوب الحرمة والقدرة، وأما إذا كان مقارنا لفعل الآخر فلا واجب أصلا على هذا المبنى حتى يدخل تحت عنوان أخذ الأجرة على الواجب الكفائي.
وأما الثاني: فالمبنى وإن كان صحيحا ولا يلزم من قيامهما معا بالفعل عدم الوجوب والواجب، لأن جواز الترك لكل منهما محفوظ إلا أن الابتناء ليس على إطلاقه، لأن الفعل المستأجر عليه إن كان بعد وقوع الفعل من الآخر، فلا واجب حتى يدخل في عنوان أخذ الأجرة على الواجب وإن كان مقارنا لترك الآخر فمع فرض الترك لا يجوز له الترك لتعينه عليه بالعرض، ففيه المحاذير المتقدمة كلها، وإن كان مقارنا لفعل الآخر فنسبة الامتثال إلى كليهما على حد سواء وجواز الترك محفوظ، فهو غير مسلوب القدرة بل غير مسلوب الحرمة، لعدم المقهورية لفرض انحفاظ جواز الترك إلا أنه مصداق لما يملكه تعالى بايجابه الذي هو عين احتواء الفعل لنفسه على الفرض، مع أن اندفاع سائر المحاذير المتقدمة يختص بما إذا أمكن تعدد الفعل دفعة كالصلاة على الميت، لا كدفنه وتكفينه وتغسيله مثلا، فإنه مع فرض الترك من الآخر فيه جميع المحاذير المتقدمة فتدبر.
(الثالث) ظاهر شيخنا العلامة الأنصاري " قدس سره " في مكاسبه التفصيل بين الواجب التعييني والتخييري، فيجوز أخذ الأجرة في الثاني دون الأول (1) وتوضيح الكلام فيه: أن التخيير تارة عقلي وأخرى شرعي: