وعدم كونه مأمونا.
نعم جملة كثيرة من الروايات قيدت التغريم بصورة التهمة، وحينئذ يستفاد من ارجاع بعضها إلى بعض أن المستأجر له التضمين في صورة التهمة على خلاف قاعدة الأمانة بالمعنى الأخص والأعم فإن مقتضاها أن المؤتمن على المال لا يضمن بلا تعد ولا تفريط، وأنه لا يكلف باثبات التلف.
والتحقيق: أن هذا الأصل المؤسس من أمير المؤمنين عليه السلام ليس مقتضاه الضمان بالتلف، كيف وفي ذيل الرواية وكان عليه السلام لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب ونحوه غيره، مع أنه بقيام البينة على التلف لا ضمان قطعا، فيعلم منه أنه لا ضمان بالتلف، وإنما يخالف هذا الأصل قبول دعوى التلف فإن في سماع دعواهم ضياع أموال الناس لخفة مؤنة دعوى التلف. ولذا قيدوه بصورة التهمة وحكموا بعدم الضمان فيما إذا كان موثوقا مأمونا، وإلا فالتلف مما يستوي فيه الموثوق وغيره والأمين وغيره. فلا بأس بالعمل بهذه الأخبار على خلاف قاعدة قبول قول الأمين في دعوى التلف. وأما أن تكليف مدعي التلف إقامة البينة أو يستحلف فالأخبار فيه مختلفة، وسيجئ البحث عنه في أواخر باب الإجارة إن شاء الله تعالى.
المسألة الثامنة: قال " رحمه الله " في الشرايع: ما استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه كانت نفقته على المستأجر إلا أن يشترط على الأجير (1). انتهى.
لا ريب في أن عقد الإجارة لا اقتضاء من حيث استحقاق النفقة، إلا إذا كانت هناك عادة مستقرة على كون نفقة الأجير المنفذ في حوائج المستأجر عليه، فإنه بمنزلة الالتزام الضمني بالنفقة، ولعله يختلف باختلاف الأعصار والأمصار.
وربما يدعى أن الأجرة إذا لم تكن وافية بمؤنته مع استغراق أوقاته للعمل المنفذ فيه كان ذلك قرينة على أنه في كفالة المستأجر، فيكون التزاما ضمنيا مبنيا عليه العقد.