المورد الثاني: ما إذا كان المؤجر هو المعتبر والمحمل من دون مباشرة للمستأجر ولا أمر ولا إذن منه، ولا اشكال في أن الخسارة عليه ولا ضمان لا جرة المثل على المستأجر، لأن مجرد وصول نفع إليه بايصال المؤجر المحمل لا يوجب الضمان واحترام المال لا يقتضي ضمان من لا يدله ولا استيفاء منه ولو بأمره وإذنه، ومنه يعلم أنه لو أمره المستأجر بالحمل أو أذن فيه كان ذلك استيفاء منه فيكون ضمان أجرة الزائد على المستأجر عالما كان بالزيادة أو جاهلا بها، وأما لو هيأه المستأجر واعده للحمل فحمله المؤجر فهل هو استيفاء منه في صورة علم المؤجر أو تقرير منه في صورة الجهل؟ لا يبعد الأول بحسب العرف والعادة، وأما الثاني فمحل الاشكال، لأن قبول أخبار ذي اليد في كل شئ لا دليل عليه، فلو فرض أن اعداده للحمل بمنزلة الاخبار بأنه القدر المستأجر عليه لم يكن وجه لقبوله حتى يكون ذلك تغريرا منه.
المورد الثالث: ما إذا كان المعتبر والمحمل أجنبيا، فإن كان من غير أمر ولا إذن من المؤجر والمستأجر فلا اشكال في ضمانه لأجرة المثل، وإن كان بإذنهما معا فالضمان على المستأجر، لما عرفت من أنه بمنزلة استيفائه كما إذا إذن للمؤجر في الحمل، وقد مر أن إذن المؤجر غير مجد في رفع الضمان مع عدم قصد التبرع، ومنه تعرف ما إذا كان الإذن من خصوص المستأجر، فإنه استيفاء منه، وأما إذا كان بإذن المؤجر خاصة لم يكن رافعا لضمان الأجنبي المباشر للاستيفاء كما كان كذلك بالإضافة إلى المستأجر، وأما إذا كان الأجنبي جاهلا والمؤجر الذي أذن له عالما ففيه شبهة التغرير. وقد عرفت أنه لا تغرير فيما لا موجب للاعتماد عليه شرعا، فالضمان على الأجنبي المحمل.
تنبيه: كلام القوم في المقام مسوق للضمان من ناحية الحمل والاستيفاء، وأما إذا كانت الدابة تحت يد المستأجر المحمل للزائد فهو بواسطة تعديه عن مقدار الاستحقاق يضمن جميع المنافع الممكنة الاستيفاء لا خصوص الزائد، لأن يده عادية والمنافع الفائتة تحت اليد العادية مضمونة.