والهوهوية بينهما كتنزيل المؤدي منزلة الواقع في باب الخبر، حيث لا يكون إلا بجعل ما يماثل الواقع، فالتكليف المماثل وإن كان حقيقيا في حد نفسه إلا أنه بعناية أنه الواقع، فهو تكليف حقيقي من حيث ذاته وواقعي من حيث العنوان عناية فكذا هنا، فتكليف النائب حقيقي من حيث نفسه وتكليف المنوب عنه عينا بالعناية، وهو معنى توجه تكليف المنوب عنه إلى النائب، وهو غاية ما يمكن توجيه التوجه المذكور في هذا الكلام، فهو معنى صحيح لكنه لا يقتضي تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه إلا الانتساب العرضي غير المفيد، بل هو أمر معقول يحتاج إلى دليل، وليس مجرد الامضاء دالا على هذا المعنى، بل على صحة الانتساب وأعمية الغرض المترتب على الفعل من حيث كونه منسوبا بالذات أو بالعرض كما في التوصليات من العقود والايقاعات نعم إذا لم يمكن قصد الامتثال إلا بتوجيه تكليف حقيقي إلى النائب كشف دليل مشروعية النيابة في العبادة بدلالة الاقتضاء عن جعل حكم مماثل لتكليف المنوب عنه بعناية أنه هو، وسيجئ إن شاء الله تعالى إمكانه بدونه.
ثانيها: ما عن بعض أجلة العصر حاكيا له عن سيده الأستاذ طاب ثراه من أن مباشرة الفاعل قد تكون دخيلة في الغرض المترقب من الفعل للمولى، فلا يسقط الأمر بفعل الغير ولو كان توصليا. وقد لا يكون لها دخل في الغرض، فيمكن أن يكون مثل هذا الأمر محركا للغير نحو هذا الفعل مراعاة لصديقه واستخلاصا له عن العقاب وعن بعده عن ساحة المولى. وعليه بنى صحة تقرب النائب بأمر المنوب عنه.
وفيه أن الغرض تارة يترتب على فعل كل منهما بما هما هما، فمثله يجب كفاية لا عينا وهو خارج عن محل الكلام، وأخرى يترتب على فعل المنوب عنه فقط غاية الأمر أنه أعم من المباشري والتسبيبي بل على الأعم من ما بالذات وما بالعرض، فمثله يوجب توجه تكليف حقيقي إلى المنوب عنه فيحركه نحو الفعل الأعم من المباشرة والتسبيب، ويستحيل أن يكون المحرك المتقوم بالمنوب عنه محركا حقيقة لغيره ولو كان الغرض أعم، ذا أعمية الغرض لا توجب امكان المحال، غاية الأمر أنه يسقط