وطوقتكه أي: كلفتكه. وقوله تعالى: (سيطوقون ما بخلوا به) (1) أي: يلزمونه في أعناقهم. وفي الحديث: من ظلم قيد شبر (2) من الأرض طوقه الله من سبع أرضين هذا يفسر على وجهين:
أحدهما: أن يخسف الله به الأرض، فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطوق.
والآخر: أن يكون من طوق التكليف لا من طوق التقليد، وهو أن يطوق حملها يوم القيامة.
ويقال: طوقني الله أداء حقه أي قواني عليه كما في الصحاح.
وطوقت له نفسه: لغة في طوعت أي: رخصت وسهلت، حكاها الأخفش، كما في الصحاح.
قال ابن سيده: وقرئ شاذا (وعلى الذين يطوقونه) (3). قال ابن جني في كتاب الشواذ: هي قراءة ابن عباس بخلاف، وعائشة، وسعيد بن المسيب، وطاوس بخلاف، وسعيد بن جبير، ومجاهد بخلاف، وعكرمة، وأيوب السختياني، وعطاء أي يجعل كالطوق في أعناقهم. ووزنه يفعلونه، وهو كقولك: يجشمونه ويكلفونه. يطوقونه، وهي قراءة مجاهد، ورويت عن ابن عباس وعن عكرمة. أصله يتطوقونه، قلبت التاء طاء، وأدغمت في الطاء بعدها، كقولهم: اطير يطير، أي: تطير يتطير.
قال ابن جني: وتجيز الصنعة أن يكون يتفوعلونه ويتفعولونه، إلا أن يتفعلونه الوجه؛ لأنه أظهر وأكثر. يطيقونه وهي قراءة ابن عباس بخلاف. أصله يطيوقونه قلبت الواو ياء كما قلبت في سيد وميت، وقد يجوز أن يكون القلب على العاقبة، كتهور وتهير، على أن أبا الحسن قد حكى: هار يهير، فهذا يؤنس أن ياء تهير وضع، وليست على المعاقبة، قال: ولا تحملن هار يهير على الواو، قياسا على ما ذهب إليه الخليل في تاه يتيه، وطاح يطيح، فإن ذلك قليل يطيقونه جاز أن يكون يتفيعلونه كما هو ظاهر لفظا أصله يتطيوقونه قلبت الواو ياء كما تقدم في سيد وميت، ويجوز أن يكون يطوقونه بالواو وصيغة ما لم يسم فاعله يفوعلونه، إلا أن بناء فعلت أكثر من بناء فوعلت. وقال ابن جني: وقد يمكن أن يكون يتطيقونه يتفعلونه لا يتفيعلونه، ولا يتفعولونه، وإن كان اللفظ بهما كاللفظ بيتفعل لقلتهما وكثرته. ويؤنس كون يتطيقونه يتفعلون قراءة من قرأ يتطوقونه، وكذلك يؤنس كون يطيقونه يتفعلونه لا يتفيعلونه قراءة من قرأ: " يطوقونه " والظاهر من بعد أن يكون يتفيعلونه. هذا آخر نص الشواذ لابن جني.
والمطوقة: الحمامة ذات الطوق في عنقها. قال ذو الرمة:
ألا ظعنت مي فهاتيك دارها * بها السحم (4) تردي والحمام المطوق قال الصاغاني: وأهل العراق يسمون القارورة الكبيرة التي لها عنق مطوقة كما في العباب.
والإطاقة: القدرة على الشيء، وقد طاقه طوقا، وأطاقه إطاقة.
وأطاق عليه، والاسم الطاقة.
قال الأزهري: طاق يطوق طوقا، وأطاق يطيق إطاقة وطاقة، كما يقال: طاع يطوع طوعا، وأطاع يطيع إطاعة وطاعة والطاعة والطاقة: اسمان يوضعان موضع المصدر.
قال سيبويه: وقالوا: طلبته طاقتك، أضافوا المصدر وإن كان في موضع الحال، كما أدخلوا فيه الألف واللام حين قالوا: أرسلها العراك. وأما طلبته طاقتي فلا يكون إلا معرفة، كما أن سبحان الله لا يكون إلا كذلك.
وقال شيخنا: الطاقة والإطاقة لا يختص بالإنسان كما زعم قوم، بل هي عامة بخلاف الطاعة والاستطاعة، فلها خصوص.
* ومما يستدرك عليه:
طوقه بالسيف وغيره، وطوقه إياه: جعله له طوقا.
وطوقني نعمة.
وتطوقت (5) منه أيادي، وهو مجاز. وكذلك قولهم: تقلدتها طوق الحمامة.