وقال أبو زيد: يقال: ما أكثر عرق غنمك: إذا كثر لبنها عند نتاجها.
والعرق: النقع هكذا هو بالقاف في سائر النسخ، والصواب النفع بالفاء، وهو قول شمر، كما تقدم عند قوله والثواب، ولو ذكرهما في محل واحد كان أحسن.
والعرق: السطر من الخيل، ومن الطير وهو الصف، الواحدة منهما عرقة. قال طفيل الغنوي يصف الخيل:
كأنهن وقد صدرن من عرق * سيد تمطر جنح الليل مبلول (1) هكذا أنشده الصاغاني.
وقال ابن بري: صدر الفرس فهو مصدر: إذا سبق الخيل بصدره. والعرق: الصف من الخيل ورواه ابن الأعرابي (2): " صدرن من عرق " أي: صدرن بعد ما عرقن، يذهب إلى العرق الذي يخرج منهن إذا أجرين، يقال: فرس مصدر: إذا كان يعرق صدره.
وكل مضفور مصطف عرق، وعرقة.
والعرق: السفيفة المنسوجة من الخوص (3) وغيره قبل أن يجعل منه الزنبيل، أو الزنبيل نفسه. ومنه حديث المظاهر: " فأتى بعرق فيه تمر " وفي رواية: " بعرق من تمر ". قال الأزهري: هكذا رواه أبو عبيد بالتحريك ويسكن عن بعض المحدثين.
والعرق: الشوط والطلق. يقال: جرى الفرس عرقا، أو عرقين، أي: شوطا أو شوطين.
وفي المثل: لقيت منه عرق القربة، وهو كناية عن الشدة. قال الأصمعي: ولا أدري ما أصله، وزاد غيره: والمجهود والمشقة. قال ابن دريد: أي لقيت منه المجهود وأنشد لابن أحمر:
ليست بمشتمة تعد وعفوها * عرق السقاء على القعود اللاغب أراد عرق القربة، فلم يستقم له الشعر؛ لأن القربة إذا عرقت خبث ريحها، أو لأن القربة ما لها عرق، فكأنه تجشم محالا قاله أبو عبيد، وبه فسر حديث عمر رضي الله تعالى عنه: لا تغالوا صدق النساء فإن الرجال تغالي (4) بصداقها حتى تقول: جشمت إليك عرق القربة، أو علق القربة. والمعنى تكلفت إليك ما لم يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون؛ لأن القربة لا تعرق، وهذا مثل قولهم: " حتى يشيب الغراب، ويبيض الفأر " (5).
أو عرق القربة: منقعتها أي: سيلان مائها، كأنه نصب وتكلف وتجشم وتعب حتى عرق كعرق القربة، قاله الكسائي.
وقيل: أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها.
وقيل: أراد أنه قصده وسافر إليه حتى احتاج إلى عرق القربة، وهو ماؤها، يعني السفر إليها.
أو عرق القربة: سفيفة يجعلها حامل القربة على صدره.
وقال ابن الأعرابي: عرق القربة وعلقها واحد، وهو معلاق تحمل به القربة، وأبدلوا الراء من اللام، كما قالوا: لعمري ورعملي.
وقال أيضا: أما عرق القربة فعرقك بها عن (6) جهد حملها؛ وذلك لأن أشد الأعمال عندهم السقي. وأما علقها فما شدت به ثم علقت. القول الأول نقله عنه الصاغاني، والثاني صاحب اللسان، فتأمل.
وقال غيره: معناه جشمت إليك النصب والتعب والغرم والمؤونة، حتى جشمت إليك عرق القربة أي: عراقها الذي يخرز حولها. ومن قال: علق القربة، أراد السيور التي تعلق بها.
أو معناه: تكلف مشقة كمشقة حامل قربة يعرق تحتها من ثقلها.