النسك وقرئ بهما قوله تعالى: (جعلنا منسكا هم ناسكوه) (1) قرأ الكوفيون غير عاصم منسكا بكسر السين، والباقون بفتحها، وقوله تعالى: (وأرنا مناسكنا) (2) أي: عرفنا متعبداتنا. وقال الفراء: أصل المنسك في كلام العرب: الموضع المعتاد الذي تعتاده، ويقال: إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره، ثم سميت أمور الحج مناسك قال ذو الرمة:
ورب القلاص الخوص تدمى أنوفها * بنخلة والساعين حول المناسك (3) وقيل: المنسك، كمقعد: نفس النسك، وكمجلس: موضع تذبح فيه النسيكة ومنه قولهم: منى منسك الحاج، وقال الزجاج في تفسير قوله تعالى: (جعلنا منسكا) النسك في هذا الموضع يدل على معنى النحر، كأنه قال: جعلنا لكل أمة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله، فمن قال منسك فمعناه مكان نسك مثل مجلس مكان جلوس، ومن قال منسك فمعناه المصدر نحو النسك والنسوك. وقال ابن الأثير: قد تكرر ذكر المناسك والنسك والنسيكة في الحديث فالمناسك: جمع منسك، بفتح السين وكسرها وهو المتعبد، ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سميت أمور الحج كلها مناسك.
ومن المجاز: نسك الثوب أو غيره: غسله بالماء فطهره فهو منسوك، قال الجوهري: سمعته من بعض أهل العلم، قال نهشل بن حري:
ولا تنبت المرعى سباخ عراعر * ولو نسكت بالماء ستة أشهر (4) وقال ابن عباد: نسك السبخة نسكا: طيبها. وقال النضر: نسك إلى طريقة جميلة، أي: داوم عليها. وينسكون البيت: أي يأتونه. ومن المجاز: أرض ناسكة أي: خضراء حديثة المطر فاعلة بمعنى مفعولة. والنسيك كأمير: الذهب والفضة عن ثعلب. وقال ابن الأعرابي: النسيكة كسفينة: القطعة الغليظة منه الصواب منها، أي من الفضة كما هو نص ابن الأعرابي، والجمع نسك، بضمتين. والنسك كصرد: طائر عن كراع. وقال ابن دريد (5): فرس منسوكة، أي: ملساء جرداء من الشعر. وقال غيره: هي أرض منسوكة دمنت بالأبعار ونحوها، وقال الزمخشري: مسمدة، وهو مجاز. والنسك، بالفتح: المكان المألوف في خير كان أو غيره كالمنسك كمقعد وهذه عن الفراء، وقد تقدم.
* ومما يستدرك عليه:
الناسك: العابد، قال ثعلب: هو مأخوذ من النسيكة، وهي سبيكة الفضة المخلصة من الخبث، كأنه خلص نفسه وصفاها لله عز وجل، والجمع نساك. ونسك البيت: أتاه.
[والمنسك]: كمقعد: وقت النسك. والنسوك، بالضم: العبادة. وقال ابن الأنباري: رجل منسكة: كثير النسك.
وعشب ناسك: شديد الخضرة، وهو مجاز. وانتسك: افتعل من النسك، قال رؤبة:
* وارع تقى الله بنسك منتسك * والمنسكة: قرية باليمن ومنها الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنسكي أحد المشهورين في الحال والقال، وله بها ذرية.
[نشك]: النشاك، كشداد أهمله الجماعة، وهو جد خالد بن المبارك المحدث سمع أبا منصور بن خيرون. قلت: الصواب في هذا النشال باللام في آخره كما ضبطه الحافظ وابن السمعاني وابن الأثير، وقد أخطأ المصنف هنا واشتبه عليه، فتنبه لذلك ولا تغتر به، وسيأتي ذكره في ن ش ل إن شاء الله تعالى.
[نطك]: إنطاكية أهمله الجوهري، وقال أبو عمر، في ياقوتة الجلعم: هي بالفتح والكسر زاد غيره وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة وقال ابن الجوزي في تقويم اللسان: لا يجوز تخفيف أنطاكية وهي مشددة أبدا، كما لا يجوز تشديد القسطنطينية، وعد ذلك من أغلاط العوام.
قلت: وقد جاء في قول زهير وامرئ القيس بالتشديد، وقد أجاب عنه ياقوت في معجمه، فراجعه (7). وقال الأزهري